پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص128

بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زناً بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس ) .

وليس الباغي واحداً من هؤلاء الثلاثة ، وجعل هذا السؤال مقصورا فيمن أريد دمه أو ماله أو حريمه كيف يجوز له قتل من أراده بذلك .

فاقتضى السؤال دليلاً على الحكم وانفصالاً عن الخبر .

فأما الدليل على أن من أريد دمه أو ماله أو حريمه يجوز له دفع من أراده وإن أتى الدفع على نفسه – على ما سنذكره من بعد من ترتيب الدفع بحال بعد حال – قول رسول الله ( ص ) : ‘ من قتل دون ماله فهو شهيد ) .

والشهيد مظلوم ، وللمظلوم دفع الظلم عن نفسه بالقتال ، وما أبيح من القتال لم يجب به ضمان .

وأما الانفصال عن الخبر فمن وجهين :

أحدهما : أنه أباح القتل بثلاثة شروط اختلفت معانيها واتفقت أحكامها :

أحدها : بالكفر بعد الإيمان ، فلا يجوز العفو عنه ، ويسقط بالتوبة منه ، ويزول عنه اسم الكفر بعد التوبة .

والثاني : بالزنا بعد الإحصان ، لا يجوز العفو عنه ، ولا يسقط بالتوبة منه بعد القدرة ، وفي سقوطه قبل القدرة خلاف ولا يزول عنه اسم الزنا بعد التوبة .

والثالث : بقتل نفس بغير نفس ، وهذا يجوز العفو عنه ، ولا يسقط بالتوبة ، ولا يزول عنه اسم القتل بالتوبة .

فلما اختلفت المعاني والأسماء ، صارت معاني القتل هي المعتبرة دون العدد المحصور .

والثاني : أنه لسان عربي لا يمنع أن ينضم إلى العدد المحصور ما في معناه ، ولا تكون الزيادة عليه رافعة لحكمه كما قال الله تعالى : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ) [ الأعراف : 142 ] .

وعلى أن للخبر تأويلين يغنيان عن هذين الجوابين :

أحدهما : لا يحل قتله صبرا إلا بإحدى ثلاث ، وهذا لا يقتل صبراً وإنما ينتهي حاله إلى القتل دفعاً .