پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص127

أحدهما : أن الذمة مؤبدة والعهد مقدر بمدة .

والثاني : أن الذمة توجب أن نكف عنهم أنفسنا وغيرنا ، والعهد لا يوجب أن نكف عنهم غيرنا ، مع ما قدمناه من الفرق بينهما من الوجهين المتقدمين .

فعلى هذا : يجب علينا أن نقاتلهم مقبلين ونكف عنهم مدبرين كأهل البغي ، لكن ما أصابوه من دم أو مال يؤخذون بغرمه قولا واحداً ، وإن لم يؤخذ أهل البغي بغرمه في أحد القولين ، لأن قتال أهل البغي بتأويل ، وقتال أهل الذمة بغير تأويل .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن أتى أحدهم تائبا لم يقص منه لأنه مسلم محرم الدم ) .

قال الماوردي : اختلف أصحاب الشافعي في مراده بهذه المسألة على وجهين :

أحدهما : أنه أراد بها من استعان البغاة به من المشركين إذا أتلفوا في حربنا دماء وأموالا ثم تابوا من الشرك وأسلموا لم يؤخذوا بغرمه إن كانوا من أهل الحرب أو من أهل العهد وكذلك إن كانوا من أهل الذمة .

وجعل القتال نقضاً لذمتهم ، فإن لم يجعل نقضاً لم يسقط الغرم ، ولا يكون محمولاً على البغاة ، لأنه علل في سقوط الغرم بما ليس بعلة في سقوطه عن أهل البغي وهو التوبة ، لأن علة سقوطه عن أهل البغي هو التأويل .

والوجه الثاني : أنه أراد بها أهل البغي ، لأن الشافعي قد أفصح بذلك في كتاب الأم ، وتكون التوبة محمولة على إظهار الطاعة ووجود القدرة فلا يجب عليهم غرم ما استهلكوه من دم ومال على أصح القولين ، وإن وجب على القول الآخر .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وقال لي قائل ما تقول فيمن أراد دم رجل أو ماله أو حريمه ؟ قلت يقاتله وإن أتى القتل على نفسه إذا لم يقدر على دفعه إلا بذلك وروى حديث النبي ( ص ) ‘ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان وقتل نفس بغير نفس ) قلت هو كلام عربي ومعناه إذا أتى واحدة من الثلاث حل دمه فمعناه كان رجلا زنى محصنا ثم ترك الزنا وتاب منه وهرب فقدر عليه قتل رجما أو قتل عمداً وترك القتل وتاب منه وهرب ثم قدر عليه قتل قوداً وإذا كفر ثم تاب فارقه اسم الكفر وهذان لا يفارقهما اسم الزنا والقتل ولو تابا وهرباً ) .

قال الماوردي : هذا سؤال اعترض به على الشافعي من منع من قتال أهل البغي ، لأن قتالهم مفضي إلى قتلهم ، وقد قال رسول الله ( ص ) : ‘ لا يحل دم امرئ مسلم إلا