الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص126
فإن ادعوا الإكراه : كلفوا البينة ، فإن أقاموا على إكراه أهل البغي لهم على قتالنا بينة ، كانوا على عهدهم .
وإن لم يقيموها ، لم تقبل دعواهم ، وانتقض عهدهم ، لأن أصل الفعل حدوثه عن اختيار فاعله .
قال الماوردي : إذا استعان أهل البغي على قتالنا بأهل الذمة وأصحاب الجزية . فإن كانوا مكرهين : لم تنتقض ذمتهم .
وإن كانوا مختارين : فإن ادعوا جهالة وقالوا : ظننا أن معونتنا لبعضكم على بعض جائزة كما نعينكم على قطاع الطريق ، قبل منهم دعوى الجهالة ، ولم تنقض ذمتهم وإن لم يقبل من أهل العهد وانتقض به عهدهم . والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن عقد الذمة حق لهم علينا ، وعهد الأمان حق لنا عليهم ، لأن من سأل الأمان لم يلزم إجابته ، ومن بذل الجزية لزمت إجابته .
والثاني : أن لنا مع خوف الخيانة أن ننقض أمان أهل العهد ، وليس لنا مع خوفها أن ننقض أمان أهل الذمة حتى نتيقنها – فافترقا .
وإن لم يدعوا الجهالة لم يخلوا عقد ذمتهم من أحد أمرين :
أحدهما : أن يشترط فيه عليهم أن لا يعينوا على مسلم بقتل ولا قتال ، فيكون ما خالف هذا الشرط من قتالهم لأهل العدل نقضاً لأمانهم .
والثاني : أن يكون عقد ذمتهم مطلقا ، لم يشترط ذلك في ، ففي انتقاض ذمتهم قولان :
أحدهما : قد انتقضت بالقتال ذمتهم كما انتقض به أمان أهل العهد .
فعلى هذا : يجوز قتلهم وقتالهم مقبلين ومدبرين كما ذكرنا في أهل العهد .
والقول الثاني : لا تنتقض به ذمتهم وإن انتقض به أمان أهل العهد ، لقوة الذمة على العهد من وجهين :