الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص122
لأنهم لو حبسوا لوجوب البيعة لما جاز إطلاقهم بعد انجلاء الحرب إلا بها .
فعلى هذا : يكون حبسهم موكولاً إلى رأي الإمام واجتهاده ، وهو مقتضى قول الشافعي في الجديد ، لأنه قال فيه : رجوت أن يسع .
والضرب الثاني : أن يكون الأسرى من غير أهل الجهاد كالنساء والعبيد والصبيان ، فلا يجوز حبسهم على البيعة ، لأنه لا بيعة على النساء والعبيد إلا في الإسلام دون الجهاد لوجوب الإسلام عليهم وسقوط الجهاد عنهم ، والصبيان لا بيعة عليهم في الإسلام ولا في الجهاد – وهذا معنى قول الشافعي : ويختلفون في الإسار .
فإذا لم يجز حبسهم على البيعة ، فقد اختلف أصحابنا في جواز حبسهم لإضعاف البغاة على وجهين ، بناء على اختلاف العلتين في حبس أهل الجهاد منهم :
أحدهما : لا يحبسون إذا قيل : إن علة حبسهم وجوب البيعة عليهم
ولالوجه الثاني : يحبسون إذا قيل : إن علة حبسهم إضعاف البغاة بهم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن انقضاء الحرب تكون بأحد ثلاثة أضرب :
أحدها : بالرجوع إلى الطاعة والدخول في البيعة ، فيطلق أسراهم كما خليت سبيلهم ، لأنه المقصود منهم .
والضرب الثاني : أن تنقضي بالاستسلام وإلقاء السلاح ، فلا يجوز بعد استسلامهم ودخولهم تحت القدرة أن يقتلوا ، وتجري عليهم أحكام من اعتقد رأيهم موادعاً ، فيخلى سبيلهم وسبيل أسراهم .
فإن اختلطوا بأهل العدل : كانوا على حكمهم .
وإن تميزوا بدار قلد الإمام عليهم والياً ليستوفي منهم الحقوق ويقيم عليهم الحدود ، وكانت دارهم دار عدل وإن كانوا على رأي أهل البغي ، اعتباراً بنفوذ الأمر عليهم .
والضرب الثالث : أن تنقضي الحرب بهزيمتهم .
فمذهب الشافعي : انهم لا يتبعون سواء كانت لهم فيئة ينضمون إليها أو لم تكن .
وأبو حنيفة يرى اتباعهم إن كانت لهم فيئة ينضمون إليها – وقد دللنا عليه .