پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص121

وقال أبو حنيفة : يجوز أن يقتلوا كأهل الحرب .

والدليل عليه : ما رواه عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله ( ص ) : ‘ يا ابن أم عبد ما حكم من بغى من أمتي ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله ( ص ) : لا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم فيئهم – وهذا إن ثبت نص .

ولأن سيرة علي – عليه السلام – فيهم كانت هكذا ، وعليها عمل المسلمون بعده .

ولأن المقصود بقتالهم كفهم عن القتال وليس المقصود قتلهم .

ولأنهم في دفعهم عن البغي في حكم الطالب نفس المطلوب الذي لا يجوز قتله بعد كفه ، كذلك البغاة ، وهم بخلاف أهل الحرب ، لأن المقصود قتلهم بقتالهم فافترقوا .

فعلى هذا : لو قتل أسير منهم ضمنه القاتل بالدية ، وفي ضمانه بالقود وجهان :

أحدهما : يقاد منه ، لأنه قتل محظور النفس .

والوجه الثاني : لا يقاد منه ، لأنها شبهة تدرأ بالحدود .

( فصل )

فإذا ثبت أن قتلهم بعد الإسار محظور ، فهم ضربان :

أحدهما : أن يكونوا من أهل الجهاد أحراراً بالغين ، فيدعوا إلى البيعة على الطاعة ، فإن أجابوا إليها وبايعوا الإمام عليها أطلقوا ولم يجز حبسهم ، ولم يلزم أخذ رهائنهم ولا إقامة كفلائهم ، ووكلوا إلى ما تظاهروا به من الطاعة ، ولم يستكشفوا عن ضمائرهم .

وإن امتنعوا من بيعة الإمام على طاعته حبسوا إلى انجلاء الحرب ، واختلف أصحابنا في علة حبسهم على وجهين :

أحدهما : أن العلة في حبسهم امتناعهم من وجوب البيعة عليهم ، ومن امتنع من واجب عليه حبس به كالديون – وهذا قول أبي إسحاق المروزي .

فعلى هذا : يكون حبسهم واجباً على الإمام ، وهو مقتضى قول الشافعي في القديم ، لأنه قال فيه : يحبسون .

والوجه الثاني : أن العلة في حبسهم أن تضعف مقاتلة البغاة بهم وهذا أصح التعليلين .