الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص119
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا اجتمع الخوارج في موضع تميزوا به عن أهل العدل ، ولم يخرجوا عن طاعة الإمام ، وقصدوا بالاعتزال أن ينفردوا عن مخالفهم ويتساعدوا على معتقدهم ، كانت دارهم من جملة دار أهل العدل تقام عليهم الحدود وتستوفى منهم الحقوق ولا يبدأوا بحرب ولا قتال ما لم يبدأوا بالمنابذة والقتال .
فإن قتلوا عاملهم الوالي عليهم من قبل الإمام أو غيره من أعوان الإمام ، ثم أظهروا خلع الإمام ونابذوه أجرى الإمام عليهم القصاص ولم يسقط عنهم بما أظهروا بعد القتل من الخلع والمنابذة ، وكذلك ما استهلكوه من الأموال كانوا مأخوذين بضمانه .
فقد ولى علي بن أبي طالب – عليه السلام – على النهروان عامله عبد الله بن خباب بن الأرت وقد اعتزلوه فكان ناظراً فيهم كنظره في أهل العدل ، إلى أن وثبوا عليه وقالوا : ما تقول في الشيخين أبي بكر وعمر ؟
فقال : ما أقول في خليفتي رسول الله ( ص ) وإمامي المسلمين .
قالوا : ما تقول في عثمان ؟
فقال : في الست الأوائل خيراً . وأمسك عن الست الأواخر .
فقالوا : ما تقول في علي بن أبي طالب .
فقال : أمير المؤمنين وسيد المتقين .
فعمدوا إليه فذبحوه ، فراسلهم علي أن سلموا إلي قاتله أحكم فيه بحكم الله . قالوا : كلنا قتله .
قال : فاستسلموا لحكم الله ، وسار إليهم ، فقتل أكثرهم فدل هذا من فعله على أمرين :
أحدهما : جواز إقرارهم وإن اعتزلوا ما كانوا متظاهرين بالطاعة .
والثاني : وجوب القصاص عليهم ، وأنه لا يسقط عنهم بخلع الطاعة .
فأما من قتلوه بعد خلع الطاعة وإظهار المنابذة ففي ضمانه عليهم قولان كغيرهم من أهل البغي .