پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص118

أحدهما : أنه تسمية ذم ، سماهم به أهل العدل ، لأنهم شروا على المسلمين وحاربوا جماعتهم .

والثاني : أنه تسمية حمد ، سموا بها أنفسهم لأنهم شروا الدنيا بالآخرة أي باعوها .

فإذا اعتقد قوم رأي الخوارج وظهر معتقدهم على ألسنتهم وهم بين أهل العدل غير منابذين لهم ولا متجرئين عليهم تركوا على حالهم ولم يجز قتلهم ولا قتالهم ، ولم يؤخذوا جبراً بالانتقال عن مذهبهم والرجوع عن تأويلهم وعدل إلى مناظرتهم وإبطال شبهتهم بالحجج والبراهين وإن كانوا عليها مقرين .

فقد أقرهم علي بن أبي طالب – عليه السلام – قبل أن يعتزلوه وسمع قائلهم يقول : لا حكم إلا لله – تعريضاً به في تحكيمه يوم صفين .

فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل – وهذا أحسن جواباً لمن عرض بمثل هذا القول – ثم قال : لكم علينا ثلاث : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ، ولا نبدأكم بقتال .

فجعل هذه الأحكام فيهم كهي في أهل العدل ، واقتضى في ذلك سيرة رسول الله ( ص ) في المنافقين في كفه عنهم مع علمه بمعتقدهم لتظاهرهم بطاعته مع استبطان معصيته .

فإن صرح الخوارج الإمام بسب أهل العدل : عزروا للأذى وذباً عن منصب الإمامة .

وإن عرضوا به من غير تصريح ففي تعزيرهم وجهان :

أحدهما : لا يعزرون ، لأن عليا لم يعزر من عرض ، لفرق ما بين التعريض والتصريح .

والثاني : أنهم يعزرون ، لأن الإقرار على التعريض مفض إلى التصريح ، فكان التعزير حاسماً لما بعده من التصريح .

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو قتلوا واليهم أو غيره قبل أن ينصبوا إماما أو يظهروا حكما مخالفا لحكم الإمام كان عليهم في ذلك القصاص قد سلموا وأطاعوا والياً عليهم من قبل علي ثم قتلوه فأرسل إليهم علي رضي الله عنه أن ادفعوا إلينا قاتله نقتله به قالوا كلنا قتله قال فاستسلموا نحكم عليكم قالوا لا فسار إليهم فقاتلهم فأصاب أكثرهم ) .