الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص117
قال الشافعي : والحرب يومئذ قائمة ، ومعاوية يقاتل جاداً في أيامه كلها مستعلياً أو منتصفا .
يعني : مستعلياً بكثرة جيشه ، أو منتصفاً بمساواة الجيش .
وأتى معاوية بأسير يوم صفين فأمر بقتله ، فقال الأسير : والله ما تقتلني لله ولا فيه ولكن لحطام هذه الدنيا ، فإن عفوت فصنع الله بك ما هو أهله ، وإن قتلت فصنع الله بك ما أنت أهله فقال له معاوية : لقد سببت فأحسنت وخلى سبيل .
ولأن الإمام مأمور بالقتال لا بالقتل ، والمولي غير مقاتل فلم يجز أن يقتل .
ولأن المراد بالقتال الكف والمولي كاف فلم يجز أن يتبع .
فأما احتجاجه بندائه يوم الجمل دون صفين فعنه جوابان :
أحدهما : أنه أمر بالنداء في اليومين معاً أن لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح .
والثاني : أنه وإن فرق بين اليومين في النداء فلأن الحرب انجلت يوم الجمل فتفرغ للنداء ، وكانت يوم صفين باقية فتشاغل بتدبير الحرب عن النداء .
وأما طلبه للأسير ، فقد كان ذلك عند اختلاط الصفوف وبقاء القتال .
واحتجاجهم بجواز عوده فلا معنى لتعليق الحكم بعلة لم تكن ، ويجوز أن لا تكون والله أعلم .
قال الماوردي : أما الخوارج ، فهم الخارجون عن الجماعة بمذهب ابتدعوه ورأي اعتقدوه ، يرون أن من ارتكب إحدى الكبائر كفر وحبط عمله ، واستحق الخلود في النار ، وأن دار الإسلام صارت بظهور الكبائر فيها دار كفر وإباحة ، وأن من تولاهم وجرى على حكمهم فكذلك .
فاعتزلوا الجماعة وأكفروهم ، وامتنعوا من الصلاة خلف أحد منهم ، وسموا شراة ، واختلف في تسميتهم على وجهين :