الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص114
يجيبوا قوتلوا ولا يقاتلوا حتى يدعوا ويناظروا إلا أن يمتنعوا من المناظرة فيقاتلوا حتى يفيئوا إلى أمر الله ) .
قال الماوردي : وجملة أهل البغي أنهم ضربان :
ضرب خرجوا عن القدرة بالامتناع والكثرة ، ولا يوصل إليهم إلا بالجيوش والمقاتلة .
فهم من قدمنا ذكره في إباحة قتالهم ، وأن أهل العدل لا يضمنون ما استهلكوه عليهم في ثائرة الحرب من دماء وأموال ، وفي تضمين أهل البغي ما استهلكوه عن أهل العدل في ثائرة الحرب من دماء وأموال قولان .
والضرب الثاني : من كان تحت القدرة ، وهم ضربان :
أحدهما : أن يختلطوا بأهل العدل كابن ملجم وأشياعه ، فأحكامنا عليهم جارية في الحقوق والحدود ، وهم مؤاخذون بضمان ما استهلكوه من دماء وأموال ، سواء استهلكوها على أهل العدل ، أو استهلكوها بعضهم على بعض ، ويؤخذ أهل العدل بضمان ما استهلكوه عليهم من دماء وأموال .
والضرب الثاني : أن ينفردوا بدار لكثرتهم وقوتهم غير أنهم لم يتظاهروا بخلع الطاعة ، ولا امتنعوا من أداء الحقوق ، فهؤلاء يجب الكف عنهم ، ولا يجوز قتالهم ما أقاموا على حالهم ، وإن خالفوا أهل العدل في معتقدهم .
فقد اعتزل أهل النهروان علياً وخالفوه في رأيه ، فولى عليهم عبد الله بن خباب بن الأرت عاملاً ، فأطاعوه ، فكف عنهم ، ثم قتلوه ، فأرسل إليهم علي أن سلموا إلي قاتله أقيد منه ، قالوا : كلنا قتله . فسار إليهم حتى قتلهم مع كثرة عددهم .
فدل على أن ما فعلوه قبل التظاهر بخلع الطاعة هم به مؤاخذون وله ضامنون .
كذلك من كان مثلهم ، ويصير مخالفا لحكم من تظاهر بخلع الطاعة من وجهين :
أحدهما : في قتالهم إذا تظاهروا بخلع الطاعة ، والكف عنهم إذا لم يتظاهروا .
والثاني : في سقوط الضمان عنهم إذا تظاهروا في أصح القولين ، ووجوب الضمان عليهم قولاً واحداً إذا لم يتظاهروا والله أعلم .