الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص112
فلما قوتلوا في عبادات الأبدان قوتلوا في عبادات الأموال .
وقولهم : إن المال هو المطلوب فصحيح لكن لما لم يوصل إليه إلا بقتالهم ، صار قتالهم موصلاً إلى أخذ الحق منم ، وما أوصل إلى الحق كان حقاً .
وأما الأموال الباطنة ففيها جوابان :
أحدهما : أنه لا نظر للإمام فيها ، فلم يحاربهم عليها ، وخالفت الأموال الظاهرة .
والثاني : أنه لا يمتنع أن يقاتلوا على إخراجها إلى مستحقيها ، وإن لم يقاتلوا على دفعها إلى الإمام .
فإن قدر عليها لرفع أيديهم عنها ، مع القدرة على الدفع عنها لم يقاتلهم لأن هذا تمكين من الزكاة .
وإن كان لعجزهم عن الدفع عنها ، كان على قتالهم ، حتى يظهروا الطاعة بأدائها طوعاً .
قال الماوردي : وهذا صحيح – إذا قل أهل البغي ولم ينفردوا بدار ونالتهم القدرة ، ولم يمنعوا عن أنفسهم بكثرة وقوة لم يؤثر ما تأولوه في سقوط الحقوق عنهم ، وإقامة الحدود عليهم . فقد كان عبد الرحمن بن ملجم من أسوأ البغاة معتقداً وأعظمهم إجراماً ، قال – وعلي – كرم الله وجهه – يخطب على المنبر بالكوفة : والله لأريحنهم منك ، فأخذه الناس وحملوه إليه ، وقالوا : اقتله قبل أن يقتلك ، فقال : كيف أقتله قبل أن يقتلني وخلى سبيله ، فبات له في المسجد ، فخرج علي – عليه السلام – لصلاة الفجر مغلساً .
وقيل : إنه أنشد بالاتفاق قول الشاعر :