پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص104

فقال له : أرنيه ، فأراه فمحاه بإصبعه .

فرجع بعضهم وبقي منهم نحو أربعة آلاف لم يرجعوا ، فعاد إلى علي بن أبي طالب فأخبره ، فقال لأصحابه : سيروا على اسم الله تعالى إليهم ، فلن يفلت منهم عشرة ، ولن يقتل منكم عشرة ، فساروا معه إليهم فقتلهم ، وأفلت منهم ثمانية ، وقتل من أصحاب علي تسعة ، وقال : اطلبوا لي ذا الثدية .

فرأوه قتيلاً بينهم ، فكبر علي وقال : الحمد لله الذي صدق وعد رسوله إذ قال لي : تقاتلك الفئة الباغية فيهم ذو الثدية . فهذه سيرة علي بن أبي طالب فيهم .

وقد حكي عن الشافعي أنه قال : أخذ المسلمون السيرة في قتال المشركين من رسول الله ( ص ) .

وأخذوا السيرة في قتال المرتدين من أبي بكر رضي الله عنه .

وأخذوا السيرة في قتال البغاة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

( فصل )

فإذا ثبت أنه يقدم قبل قتالهم سؤالهم عن سبب بغيهم واعتزالهم عن الجماعة ، ثم مناظرتهم في حل ما اشتبه عليهم ، فمتى أمل رجوعهم إلى الطاعة ودخولهم في الجماعة بالقول والمناظرة لم يتجاوزه إلى القتال ، وإن يئس من رجوعهم بعد كشف ما اشتبه عليهم ، جاز لإمام أهل العدل حينئذ قتالهم ومحاربتهم ، وانقسمت أحوالهم في قتالهم ثلاثة أقسام :

أحدها : ما كان قتالهم عليه واجباً .

والثاني : ما كان قتالهم عليه مباحاً .

والثالث : ما اختلف القول في وجوبه وإباحته .

فإما ما وجب قتالهم عليه : فهو بواحد من خمسة أمور :

أحدها : أن يتعرضوا لحريم أهل العدل بإفساد سبيلهم .

والثاني : أن يتعطل جهاد المشركين بهم .

والثالث : أن يأخذوا من حقوق بيت المال ما ليس لهم .

والرابع : أن يمتنعوا من دفع ما وجب عليهم .

والخامس : أن يتظاهروا على خلع الإمام الذي قد انعقدت بيعته ولزمت طاعته .