الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص103
يسألهم عن سبب مباينتهم ويحل شبهة تأويلهم ، لتظاهرهم بالعبادة والخشوع وحمل المصاحف في اعناقهم ، فقال لهم ابن عباس : هذا علي ابن أبي طالب ابن عم رسول الله ( ص ) وزوج ابنته ، وقد عرفتم فضله فما تنقمون منه ؟
قالوا : ننقم منه ثلاثاً :
حكم في دين الله ، وقد أغنى كتاب الله وسنة رسوله عن التحكيم .
وقتل ولم يسب : وكان ينبغي له إما أن يقتل ويسبي أو لا يقتل ولا يسبي ، لأنه إذا حرمت أموالهم فقد حرمت دماؤهم .
ومحا اسمه من الخلافة ، فإن كان على حق فلم خلع ، وإن كان على غير حق فلم دخل ؟
فقال ابن عباس : أما قولكم : إنه حكم في دين الله ، فقد حكم الله تعالى في الدين فقال : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكماً من أهلها ) [ النساء : 35 ] .
وقال تعالى : ( يحكم به ذوا عدل منكم ) [ المائدة : 65 ] فحكم في أرنب قيمته درهم ، فبأن يحكم في هذا الأمر العظيم أولى . فرجعوا عن هذا .
فقال : وأما قولكم : كيف قتل ولم يسب ، فلو حصلت عائشة زوج النبي ( ص ) في سهم أحدكم كيف يصنع ، وقد قال الله تعالى : ( ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ) [ الأحزاب : 53 ] .
قالوا : رجعنا عن هذه .
قال : وأما قولكم : إنه محا اسمه من الخلافة حين كتب كتاب التحكيم بينه وبين معاوية ، فقد محا رسول الله ( ص ) اسمه من النبوة حين قاضي سهيل بن عمرو عام الحديبية ، وقد كتب كتاب القضية بينه وبين قريش علي بن أبي طالب ، فكتب هذا ما قاضى محمد رسول الله سهيل بن عمرو .
فقال سهيل : لا تكتب رسول الله ، فلو علمنا أنك رسول الله ما خالفناك ، فاكتب محمد بن عبد الله .
فقال النبي ( ص ) لعلي : امحه .
فقال : لا أستطيع أن أمحو اسمك من النبوة .