الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص100
( فقاتلوا التي تبغي ) فيه وجهان :
أحدهما : تبغي بالتعدي في القتال .
والثاني : تبغي بالعدول عن الصلح .
وهذا الأمر بالقتال مخاطب به الولاة دون غيرهم . ( حتى تفيء إلى أمر الله ) أي ترجع ، وفيه وجهان :
أحدهما : حتى ترجع إلى الصلح الذي أمر الله به . قاله سعيد بن جبير .
والثاني : حتى ترجع إلى كتاب الله وسنة رسوله ، قاله قتادة ( فإن فآءت ) يعني : رجعت عن البغي . ( فأصلحوا بينهما بالعدل ) فيه وجهان :
أحدهما : بالحق .
والثاني : بكتاب الله . ( وأقسطوا ) يعني : اعدلوا ، ويحتمل وجهين :
أحدهما : اعدلوا في ترك الهوى والممايلة .
والثاني : في ترك العقوبة والمؤاخذة . ( إن الله يحب المقسطين ) يعني العادلين .
قال أبو مالك : في القول والفعل .
فدلت هذه الآية على بقاء البغاة على إيمانهم .
ودلت على الابتداء بالصلح قبل قتالهم .
ودلت على وجوب قتالهم إن أقاموا على بغيهم .
ودلت على الكف عن القتال بعد رجوعهم .
ودلت على أن لا تباعة عليهم فيما كان بينهم . فهذه خمسة أحكام دلت عليها هذه الآية فيهم .
قال الشافعي : وفيها دلالة على أن كل من وجب عليه حق فمنع منه ، وجب قتاله عليه حتى يؤديه .