پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص98

لخفائه عليه ولا يكلف البينة لامتناعها فإذا امتنعا رجع إلى سؤال الساحر هل سحر أو لم يسحر ، فإن أنكر أن يكون ساحراً أو اعترف بالسحر وأنكر أن يكون قد سحره فالقول قوله مع يمينه ولا شيء عليه وإن اعترف أنه سحره سئل عن سحره ، لأن أثار السحر مختلفة وليس يمكن العمل فيها إلا على قول الساحر ولا يخلو حال بيانه من أربعة أقسام :

أحدها : أن يقول : عمدت سحره وسحري يقتل في الأغلب وإن جاز أن لا يقتل فهذا قاتل عمد محض وعليه القود .

وقال أبو حنيفة : لا قود عليه بناء على أصله في أن لا قود إلا بالمحدد ، ودليلنا أنه قتله بما يقتل مثله في الأغلب ، فوجب أن يستحق في عمده القود كالمحدد .

والقسم الثاني : أن يقول سحري لا يقتل في الأغلب وإن جاز أن يقتل وقد مات من سحري ، . فهذا قاتل عمد شبه الخطأ عليه الدية مغلظة دون القود .

وقال أبو حنيفة : لا دية عليه احتجاجاً بأن القتل إنما يضمن بالمباشرة أو بالأسباب الحادثة عن المباشرة وليس في السحر واحد منها فلم توجب ضمان النفس كالشتم والبهت .

ودليلنا : هو أن القتل حدث عن سبب قاتل فجاز أن يتعلق به ضمان النفس كالسم وحفر البئر ولأنه ليس يمتنع أن ينفصل من الساحر ما يتصل بالمسحور ، كما ينفصل من المتثاوب ما يتصل بالمقابل له فيثاوب وكما ينفصل من نظر الذي يعين ما استحسن فيتصل بالمعين والمستحسن وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : العين حق كما أنا حق وفي هذا الدليل انفصال .

والقسم الثالث : أن يقول : سحري يمرض ولا يقتل وقد أمرضه سحري ومات بغيره فهذا يعتبر فيه حال المسحور فإن لم يزل ضمناً مريضاً من وقت السحر إلى وقت الموت فالظاهر منه حدوث موته من مرض سحره ، فيكون القول قول ولي المسحور مع يمينه ، وإن كان قد انقطع عنه المرض وصار داخلا خارجاً فالظاهر من موته أنه بسبب حادث غير سحره ، فيحلف الساحر لقد مات من غير سحره كالجراحة إذا حدث بعدها موت المجروح ، واختلف الولي والجارح فإن لم يندمل الجرح وكان على ألمه فالقول قول الولي مع يمينه ، وإن اندمل وزال الألم فالقول قول الجارح مع يمنيه .

والقسم الرابع : أن يقول سحري قد يمرض ولا يمرض وما أمرضه سحري فالقول قوله مع يمينه ولا شيء عليه ويعزر أدباً وزجراً ويستتاب ، فإن لم يتب عزر إذا سحر ولا يعزر بعد امتناعه من التوبة إذا لم يسحر وبالله التوفيق .