الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص97
عائشة أمتها وكانت مدبرة لها فاعترفت بالسحر وقالت سألتك العتق فلم تعتقيني ، فباعتها عائشة واشترت بثمنها أمة أعتقتها ، ولو كان قتلها مستحقاً ما استجازت بيعها واستهلاك ثمنها على مشتريها ، وكانت الصحابة تنكر عليها بيعها ، ولأن السحر تخييل كالشعبذة وهي لا توجب الكفر والقتل فكذلك السحر .
فأما الجواب عن الخبر : فراوية الحسن وهو مرسل ، وضربة بالسيف قد لا يكون قتلاً فلم يكن صريحاً فيه : وأما حديث عمر فراوية بجالة لم يلق عمر فكان أيضا مرسلاً ولو صح لكان مذهباً له ، وأما حفصة فقد انكر عثمان بن عفان رضي الله عنه عليها قتلها ولو كان مستحقاً لم ينكره ، وأما قولهم أنه مضاه لأفعال الخالق فغلط عليه وفيه ، لأن غاية سحره أن يؤذي وليس كل مؤذ ومضر مضاهياً لأفعال خالقه كالضارب والقاتل .
وقال أبو حنيفة يكفر بتعلمه لقول الله تعالى ( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) وهذا مذهب ، يفسد من وجهين :
أحدهما : أن الإيمان والكفر مختص بالاعتقاد وتعلم السحر ليس باعتقاد فلم يطلق عليه الكفر .
والثاني : أن تعلم الكفر أغلظ من تعلم السحر وهو لا يكفر بتعلم الكفر فأولى أن لا يكفر بتعلم السحر ، فأما الآية فهي واردة في معلم السحر دون متعلمه وفرق ما بين المعلم والمتعلم لأن المعلم مثبت والمتعلم متخير كما وقع الفرق بين معلم الكفر ومتعلمه وعلى أن الشياطين كانوا كفرة بغير السحر والله أعلم .
قال الماوردي : وأما السحر – فهو ما يخفى فعله من الساحر ويخفى فعله في المسحور فلا يمكن أن يوصف في الدعوى على الساحر ولا تقوم به بينة في المسحور ، فإذا ادعى رجل على ساحر أنه سحر ولياً له ، فقتله بسحره لم يستوصف عن السحر