الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص92
أحدهما : أنه راجع إلى من أضيفت إليه المعصية من الملكين ومن هاروت وماروت ويكون تأويل قوله على هذا الوجه ( إنما نحن فتنة ) ي شيء عجيب مستظرف الحسن كما يقال للمرأة الحسناء فتنة وهذا تأويل قوله فلا تكفر أي فلا تكفر بما جئناك به وتطرحه بل صدق به وأعمل عليه .
والوجه الثاني : أنه راجع إلى من انتفت منه المعصية من الملكين أو من هاروت وماروت فعلى هذا هل لملائكة الله وأوليائه تعليم الناس السحر أم لا ؟ فيه وجهان :
أحدهما : لهم تعليم الناس السحر لينهوا عنه بعد علمهم به لأنهم إذا جهلوه لم يقدروا على الاجتناب منه كالذي لا يعرف الكفر لا يمكنه الامتناع منه .
والثاني : ليس لهم تعليم السحر ولا إظهاره للناس لما في تعليمه من الإغراء بفعله ، وقد كان السحر فاشياً تعلموه من الشياطين فاختص الملكان بالنهي عنه ويكون تأويل قوله على كلا الوجهين إنما نحن فتنة أي اختبار وابتلاء وفي قوله فلا تكفر وجهان :
أحدهما : فلا تكفر بالسحر .
والثاني : فلا تكفر بتكذيبك لنهي الله عن السحر ثم قال : ( فيتعلمون منهما ) فيه وجهان :
أحدهما : من هاروت وماروت .
والثاني : من السحرة والكفرة ( ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) فيه وجهان :
أحدهما : يفرقون بينهما بالسحر الذي تعلمون .
والثاني : يفرقون بينهما بالكفر لأن اختلاف الدين بالإيمان والكفر مفرق بين الزوجين كالردة ، ثم قال تعالى ( وما هم بضارين به ) من يعني بالسحر ( من أحد إلا بإذن الله ) ، فيه وجهان :
أحدهما : بأمر الله .
والثاني : بعلم الله ثم قال : ( ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ) [ البقرة : 102 ] يعني يضرهم في الآخرة ولا ينفعهم في الدنيا ثم قال : ( ولقد علموا لمن اشتراه ) يعني السحر بما يبذله للساحر ( ماله في الآخرة من خلاق ) فيه وجهان :
أحدهما : من نصيب .
والثاني : من دين .