پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص88

والحر بالعبد فيعتقد السلطان الآمر وجوبه ، لما أداه اجتهاده إليه ، ويعتقد المأمور سقوطه لما يعتقده من مذهبه ، فلا قصاص على واحد منهما ، لكن يعزر المأمور لإقدامه على قتل يعتقد حظره ، وإن سقط القود باجتهاده كالآمر .

والقسم الثالث : أن يكون القتل محظوراً ودم المقتول محقونا والمأمور عالم بظلمه إن قتل ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن لا يكون من الآمر إكراه للمأمور ، فالقود واجب على المأمور دون الآمر لمباشرته لقتل مظلوم باختياره ويعزر الآمر تعزير مثله لأمره بقتل هو مأمور بمنعه .

والضرب الثاني : أن يكون من الآمر إكراه للمأمور صار به الآمر قاهراً والمأمور مقهوراً فالقود على الآمر القاهر واجب ، ولا تمنع ولايته من استحقاق القود عليه ، بخلاف ما ذهب إليه بعض من يدعي العلم من إعفاء الولاة من القصاص ، لأن لا ينتشر بالاقتصاص منهم فساد وهذا خطأ لأن الحدود والحقوق يستوي فيها الشريف والمشروف ، والوالي والمعزول ، وقد أعطى رسول الله ( ص ) القصاص من نفسه وكذلك خلفاؤه الراشدون من بعده ، ولأن أولى الناس بإعطاء الحق من نفسه من يتولى أخذ الحقوق لغيره لقول الله تعالى : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) [ البقرة : 44 ] ويكون القهر من هذا الآمر فسقاً وهل ينعزل به عن إمامته أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : ينعزل لأن العدالة شرطا في عقد إمامته .

والوجه الثاني : لا ينعزل به حتى يعزله أهل العقد والحل ، إن أقام على حاله وهم يتب عند استتابته ، لأن ولايته انعقدت بهم فلم ينعزل عنها إلا بهم ، فأما المأمور المقهور ففي وجوب القود عليه – قولان :

أحدهما : يجب عليه القود ، لأنه لا يستحق إحياء نفسه بقتل غيره .

والقول الثاني : لا قود عليه ، واختلف أصحابنا في علته ، فذهب البغداديون إلى أن العلة في سقوط القود عنه أن الإكراه شبهة يدرأ به الحدود ، فعلى هذا يسقط القود عنه وتجب الدية عليه ويلزمه نصفها ، لأنه أحد قاتلين ، لأن الشبهة تدرأ بها الحدود ولا تدفع بها الحقوق ، وذهب البصريون إلى أن العلة في سقوط القود عنه ، أن الإكراه إلجاء وضرورة ينقل حكم الفعل عن المباشرة إلى الآمر فعلى هذا لا قود عليه ولا دية والله أعلم بالصواب .