پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص80

تتعارض شهادتهما ، لأنها غير متنافية ولم تتم الشهادة منهما ، لأنها غير متماثلة ، لأن فعل القتل ، غير الإقرار بالقتل ، ولم تكمل الشهادة على الفعل ولا على الإقرار ، فلم يجز أن يحكم عليه بواحد منها ، لكن يكون هذا لوثاً يوجب القسامة قولاً واحداً ، لأن كل واحدة من الشهادتين مقوية للأخرى غير منافية لها ، وإذا كان كذلك لم يخل حال القتل من أن يكون عمداً أو خطأ ، فإن كان خطأ لم يحتج فيه إلى القسامة . لأنه قد تتم البينة فيه بشاهد ويمين فيقال لولي الدم أحلف مع أي الشاهدين شئت يميناً واحدة تكمل بها بينتك ويقضي لك فيها بدية الخطأ .

وينظر فإن حلف من الشاهد على فعل القتل كانت الدية على عاقلته وإن حلف مع الشاهد على إقراره بالقتل كانت الدية في ماله وإن كان القتل عمداً فعلى ضربين :

أحدهما : أن يكون غير موجب للقود كقتل الأب لابنه والمسلم لكافر فهو مختص بوجوب الدية ويصير كالخطأ في أن لا يحكم فيه بالقسامة لوجود البينة مع يمين الولي مع أي الشاهدين يميناً واحدة ويحكم له بدية العمد في ماله ، سواء حلف مع شاهد الفعل أو مع شاهد الإقرار .

والضرب الثاني : من العمد أن يكون موجباً للقود فيجب الحكم فيه بالقسامة دون الشهادة لأن الشهادة تصير لوثاً فيحلف الولي أيمان القسامة خمسين يميناً ويحكم له بالقود على قوله في القديم وبدية العمد حالة على قوله في الجديد والله تعالى أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو شهد أنه ضربه ملففا فقطعه باثنين ولم يبينا أنه كان حياً لم أجعله قاتلاً وأحلفته ما ضربه حياً ) .

قال الماوردي : أما شهادة الشاهدين بالقتل فغير مفتقرة إلى إثبات الحياة عند القتل ، لأن القتل هو إماتة الحياة فدلت على وجود الحياة عند القتل فأما إذا شهدا أنه قطع ملفوفاً في ثوب باثنين فهذه شهادة محتملة لأنه قد يجوز أن يكون عند القطع حياً ، ويجوز أن يكون ميتاً ، فيسأل الشاهدان لأجل هذا الاحتمال عن حال الملفوف ، ولهما فيه ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يشهدا بحياته عند قطعه ، أو بمشاهدة حركته أو باختلاجه بعد قطعه ، فهذا كله شهادة بالحياة ، لأنه لا يختلج بعد القطع إلا حي .

فأما الشهادة بسيلان دمه عند قطعه فلا تكون شهادة بحياته وإن كان دم الميت جامداً ؛ لأن جمود دمه يكون بعد فتور حرارته ، وقد يحتمل أن يكون قد مات لوقته قبل فتور حرارته وجمود دمه فلذلك لم تثبت فيه الحياة .

والحال الثانية : أن يشهدا موته عند قطعه ، فيصير شاهدين بنفي الحياة ، وإثبات