الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص77
والقسم الثاني : أن يدعى الولي قتله على الأولين دون الآخرين : فشهادتهما على الأولين باطلة ، لأنهما قد صارا عدوين لهما ، ومتهمين في شهادتهما .
والقسم الثالث : أن يدعى قتله على جماعتهم فتبطل الشهادتان لإكذابه لهما ، وإقراره بفسقهما ، وإن كان الولي ممن لا تصح منه الدعوى لصغره ، أو جنونه ، فقد اختلف أصحابنا هل يقضي الحاكم بموجب الشهادة أو يوقفها على بلوغ الولي وعقله ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يقضي بموجب الشهادة ويقضي على الآخرين بالقتل بشهادة الأولين .
والوجه الثاني : أنه يقف الشهادة ، ولا يبت الحكم فيها حتى يبلغ ، ويفيق المجنون ، ثم يرجع إليه في الدعوى ويعمل على ما بينه وادعاه من الأقسام الثلاثة ، لتردد الشهادة بين إيجاب وإسقاط فلم يحكم بأحدهما مع احتمالهما فأما إذا اتفقت شهادة بعض ولم تتقدم إحداهما على الأخرى فكلتا الشهادتين باطلة لا يحكم بواحدة منهما ولا يرجع فيهما إلى دعوى الولي ، لتعارض الشهادتين في التدافع بهما والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها في شاهدين شهداً على إقرار رجل بالقتل ، فقال أحدهما أقر عندي أنه قتله عمداً ، وشهد الآخر أقر عندي أنه قتله ولم يقل عمداً ولا خطأ فقد تمت الشهادة على إقراره بالقتل ولم تتم الشهادة على إقراره بصفة القتل ، فيسأل المقر عن صفة القتل ، فإنه لا يخلو فيها من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يقول قتلته عمداً ، فيقتص منه بإقراره الآنف لا بالشهادة المتقدمة فإن عفا عنه إلى الدية ، كانت حالة مغلظة في ماله .
والحال الثانية : أن يقول قتلته خطأ فلا يحكم عليه بالقود لأنه لم يتم الشهادة بالعمد ولكن يكون هذا لوثاً في قتل العمد لأنه إذا ثبت اللوث بشهادة واحد فأولى أن يثبت بشاهدين فإن أقسم حكم له بالقود على قوله في القديم ، وبالدية المغلظة حالة على قوله في الجديد ، وإن لم يقسم ، أحلف المقر بالله أنه ما قتله عمداً ولزمته دية