پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص75

فيه الجراحة حكم على الجارح بالقتل لأن ظاهر موته قبل اندمال الجراحة أنه منها فإن ادعى الجارح أنه مات من غيرها فهو محتمل وإن كان بخلاف الظاهر فيحلف الولي أنه مات من الجراحة ، وإن كان موته بعدها بزمان يجوز أن تندمل فيه الجراحة حكم عليه بالجراحة ولم يحكم عليه بالقتل حتى يقيم وليه البينة أنه لم يزل ضمناً مريضاً حتى مات فيحكم عليه حينئذ بالقتل .

فإن ادعى موته من غيره أحلف وليه لقد مات من جراحته ولكن لو شهد الشاهدان أنه ضربه بسيفه ولم يشهدا أنه أنهر دمه لم يكن جارحاً ، لأنه ليس كل مضروب بسيف ينجرح به وهكذا لو قالا ضربه بسيفه فسال دمه لم تقبل شهادتهما لجواز أن يسيل من فتح عرق أو رعاف ولو قالا : ضربه بسيفه فأسال دمه ، قبلت شهادتهما ، لأنهما أضافا سيلان الدم إليه بخلاف ما تقدم فإن شهدا أنه أوضحه في رأسه ، فإن عينا الموضحة حكم فيها بالقصاص أو الدية ، وإن لم يعيناها نظر فإن لم يكن في رأسه غير موضحة واحدة ، كانت هي المشهود بها ، وإن لم يعين حكم فيها بالقصاص أو الدية وإن كان في رأسه مواضح جماعة حكم فيها بالدية ولم يحكم فيها بالقصاص . لأن الدية تجب في كل موضحة على كل موضع من الرأس فلم يفتقر إلى التعيين والقصاص لا يجب إلا بعد تعيين الموضع من الرأس وقدرها في الطول والعرض . وهكذا لو شهد أنه قطع إحدى يديه ، ولم يعيناها فإن كانت إحدى يديه باقية وجب القصاص في الدامية أو الدية وإن لم يعين ، لأنها صارت ببقاء الأخرى معينة في الدامية وإن كان مقطوع اليدين

لم يحكم له بالقصاص ، لأنه لا يدري مستحقه في يمنى أو يسري وحكم له بالدية لاستوائها في اليمنى واليسرى ثم على هذا القياس فيما سواه والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو شهدا على رجلين أنهما قتلاه وشهد الآخران على الشاهدين الأولين أنهما قتلاه وكانت شهادتهما في مقام واحد فإن صدقهما ولي الدم معا أبطلت الشهادة وإن صدق اللذين شهدا أولا قبلت شهادتهما وجعلت الآخرين دافعين بشهادتهما وإن صدق اللذين شهدا آخراً أبطلت شهادتهما لأنهما يدفعان بشهادتهما ما شهد به عليهما ) .

قال الماوردي : وهذه المسألة مصورة في سماع الشهادة على القتل قبل دعوى الولي ، وقد اختلف أصحابنا في كيفية سماعها قبل الدعوى على ثلاثة أوجه :

أحدها : أنها تسمع قبل الدعوى ، إذا كان الولي طفلاً ، أو غائباً ، ولا يجوز سماعها إذا كان بالغاً ، حاضراً .