الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص72
قال الماوردي : أما الشهادة فتنقسم على أقسام : موضع استيفائها كتاب الشهادات ونحن نذكر في هذا الموضع ما اختص به من الشهادة في الجنايات . والجنايات ضربان : عمد يوجب القصاص ، وخطأ يوجب المال ، فأما العمد الموجب للقصاص فلا تثبت البينة فيه إلا بشاهدين – ولا يثبت بشاهد وامرأتان ، كالحدود وسواء كان في نفس وفيما دون النفس .
وقال الحسن البصري : لا يقبل في النفس إلا أربعة شهود كالزنا لأنها إماتة نفس ، ويقبل فيما دونها شاهدان كالحدود وقال مالك : يقبل فيما قل من الجراح شاهد وامرأتان ولا يقبل فيما كثر إلا شاهدان لخفة القليل وتغليظ الكثير وكلا القولين خطأ ، والدليل عليهما ، أن الله تعالى نص في كتابه على ثلاث شهادات خالف بين أحكامها وجعلها أصولاً لما أغفله ليكون المغفل فرعاً ملحقاً بأصله فيها فنص على أربعة شهود في الزنا ونص على شاهدين في الطلاق والرجعة ونص على شاهد وامرأتين في الأموال وأغفل الشهادة في الجنايات فصارت فرعاً لأحدها فلم يجز أن تحمل على الزنا لأنه لما لم تحمل عليه فيما دون النفس ، لم تحمل عليه في النفس ، لوجوب تساويهما كما استوى حكم الزنا في ما أوجب الرحم وما أوجب الجلد فبطل به قول الحسن ولم يجز أن يحمل على الأموال لأنه لما لم يحمل عليها فيما كثر لم تحمل عليها فيما قل ، لاستواء حكم الأموال فيما قل وكثر فبطل هذا قول مالك فلم يبق إلا الأصل الثالث وهو الشاهدان في الطلاق والرجعة فيما كثر وقل والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح كل جناية سقط القصاص فيها وأوجبت الدية قبل