الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص68
ومن القياس : أنه قتل آدمي مضمون فوجب أن تستحق فيه الكفارة كالخطأ ولأن كل كفارة وجبت بقتل الخطأ وجبت بقتل العمد كجزاء الصيد . ولأن الكفارة إذا وجبت على الخاطئ مع عدم المأثم كان وجوبها على العامد مع المأثم حق كما قال تعالى : ( فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) [ البقرة : 185 ] فلما أوجب القضاء على المفطر معذوراً بمرض أو سفر كان وجوبه على من أفطر عمداً بغير عذر أحق ولقول النبي ( ص ) ‘ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) .
وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : القتل كفارة .
والوجه الثاني : وهو الصحيح أن الكفارة على وجوبها لا تسقط بالقود لأنها حق الله تعالى فلم تسقط بتأدية حق الآدمي كما لم تسقط بأداء الدية .
قيل : الحاكي له عن الشافعي غالطاً ، لم يعرف في شيء من كتبه ولا نقله عنه أحد من أصحابه ونصوصه في جميع كتبه بخلافه .
والفرق بين الدية والكفارة من وجهين :
أحدهما : أن الدية تتبعض فجاز أن يشتركوا فيها ، والكفارة لا تتبعض ، فلم يصح اشتراكهم فيها .
والثاني : أن الدية بدل من النفس ، وهي واحدة فلم يلزم فيها إلا دية واحدة ، والكفارة لتكفير القتل وكل واحد منهم قاتل فلزم كل واحد منهم كفارة وهذان الوجهان دليل على عثمان .
فقال : ( وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ) [ النساء : 92 ] فقدم عتق الرقبة ، وشرط فيها الإيمان فلا يجزئ إلا عتق رقبة مؤمنة سواء كان المقتول مؤمناً أو كافراً ، لأنه شرط إيمانها في عتقها عن قتل الكافر فكان إيمانها في عتقها عن قتل المؤمن أولى . فإن لم يجد الرقبة فاضلة عن كفايته على الأبد سقط عنه التكفير بالعتق ، وكفر بصيام شهرين متتابعين وهو نص القرآن فإن عجز عن الصيام ففيه قولان :