پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص67

فأما إذا قتل في دار الحرب ، فحكمه حكم المسلم إذا قتل فيها في ضمانه بالكفارة والدية إلا أن يعمد قتله غالطاً بميثاقه الذي هو مقيم على التزامه فتجب فيه الدية مع الكفارة ، والكفارة الواجبة في قتل الكافر ، كالكفارة الواجبة في قتل المسلم في أيمان الرقبة وسلامتها من العيوب المضرة والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإذا وجبت عليه كفارة القتل في الخطأ وفي قتل المؤمن في دار الحرب كانت الكفارة في العمد أولى ( قال المزني ) رحمه الله واحتج بأن الكفارة في قتل الصيد في الإحرام والحرم عمداً أو خطأ سواء إلا في المأثم فكذلك كفارة القتل أو خطأ سواء إلا في المأثم ) .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، الكفارة تجب في قتل العمد والخطأ .

وأوجبها أبو حنيفة ومالك في قتل الخطأ وأسقطاها في قتل العمد سواء وجب في القود أو لم يجب استدلالا بقوله تعالى : ( ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) فجعل الخطأ شرطاً في وجوب الكفارة ، فوجبت أن ينتفي عن العمد لعدم الشرط ، وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ العمد قود ) فجعل موجب العمد استحقاق القود . فدل على أنه لا يجب في غير القود ، ولأنه سبب يوجب القتل فلم يوجب الكفارة كالزنا والردة ، ولأنه قتل عمد فلم تجب فيه الكفارة ، كالقصاص ولأن القصاص عقوبة على بدن ، والكفارة حق في مال فلم يجتمعا في القتل الواحد كالقصاص مع الدية .

ودليلنا ما رواه واثلة بن الأسقع قال : أتينا رسول الله ( ص ) في صاحب لنا استوجب النار بالقتل ، فقال : ‘ اعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار ) وهو لا يستوجب النار إلا في العمد .

فإن قيل : فقد أمر بها غير القاتل فدل على أنها غير واجبة على القاتل قلنا : الخطاب وإن توجه إلى السائل بالمراد به القاتل لأنه أوجبها بالقتل ، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال : يا رسول الله إني وأدت في الجاهلية .

فقال : أعتق عن كل موؤود رقبة وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تحفر تحت الحامل إذا ضربها الطلق حفيرة يسقط فيها ولدها إذا وضعته ، فإن كان ذكراً أخرجوه منها وإن كان أنثى تركت في حفرتها وطم التراب عليها حتى تموت ، وهذا قتل عمد ، وقد أوجبت فيه الكفارة .