الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص64
تجب على الصبي والمجنون قياساً على كفارة الظهار والأيمان ، ولأنه حكم يتعلق بالقاتل لا يتحمله غير القاتل ، فلم يجب على الصبي والمجنون كالقصاص .
ودليلنا قوله تعالى : ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) فكان على عمومه والصبي والمجنون وإن لم يتوجه إليهما الخطاب مواجهة كقوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) توجه إليهم خطاب الالتزام والكفارة خطاب التزام فتوجه إلى الصبي والمجنون كالدية ولأنه قاتل ضامن فوجب أن تلزمه الكفارة كالبائغ العاقل ولأنه حق مال يجب بالقتل فوجب أن يستوي فيه الصغير والكبير والعاقل والمجنون كالدية ، ولأن الكفارة أوكد من الدية ، لأنها تجب على قاتل نفسه وعلى السيد في قتل عبده وإن لم تجب عليهما الدية فلما وجبت الدية على الصبي والمجنون كان أولى أن تجب عليهما الكفارة .
فأما الجواب عن قوله : ‘ رفع القلم عن ثلاث ) فهو أن رفع القلم عنهم لا يمنع من وجوب حكم القتل في أموالهم كما لم يمنع من وجوب الدية ، وكما لا يمنع النائم إذا انقلب على إنسان فقتله من وجوب الدية مع الكفارة .
وأما قياسهم على الصلاة والصيام فمنتقض بوجوب الغرم وجزاء الصيد ثم المعنى في الصلاة والصيام أنهما عبادتان على البدن والكفارة حق في المال فافترقا كما افترق القصاص والدية وأما قياسهم على كفارة الأيمان مع انتقاضه بجزاء الصيد فالمعنى فيه أنه لما لم تصح منهما الأيمان لم يلزمها كفارتهما ولما صح منهما القتل لزمتهما كفارته .
وأما قياسهم على القصاص فالمعنى في القصاص أنه حق على بدن فسقط عنهما كالحدود والكفارة ، حق في مال فلم تسقط عنهما كزكاة الفطر وجزاء الصيد والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، ذكر الله تعالى في هذه الآية أحكام القتل في ثلاثة أحكام أوجب فيهم ديتين وثلاث كفارات :