الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص63
الكفارة كالعاقلة ، ولأن كل ما لم يجب في جنسه قود لم يجب في جنسه كفارة كالإمساك .
ودليلنا : هو أنه قتل يضمن بالدية فوجب أن يضمن بالكفارة ، كالمباشرة . فإن منعوا أن يكون مقتولا ، احتج عليهم بوجوب الدية ، لأنه لا يجوز أن يلزم دية النفس ولا يكون متلفا للنفس إذ لا يلزم دية إلا في قتل عن مقتول ولأنها كفارة تلزم بمباشرة القتل فوجب أن تلزم بسبب القتل كجزاء الصيد ولأن الكفارة أوكد من الدية فلما وجبت الدية كان أولى أن تجب الكفارة ، وأما قياسهم على العاقلة فالجواب عنه أن العاقلة تلتزم الدية تحملاً ونيابة والكفارة لا يدخلها التحمل ولا النيابة ولذلك تحملت العاقلة دية الخطأ ولم تتحمل كفارته – وإن لزمته وأما قياسهم على الإمساك فالمعنى فيه أن الإمساك لما لم يوجب ضمان الدية لم يوجب ضمان الكفارة ولما أوجب السبب ضمان الدية أوجب ضمان الكفارة .
ودليلنا : قوله تعالى : ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة ) [ النساء : 92 ] فأوجب الله تعالى الدية مع الكفارة في قتل المعاهد كما أوجبها في قتل المؤمن فكان أول الآية في المسلم وأخرها في الكافر ، ولأنها نفس مضمونة بالدية فوجب أن تضمن بالكفارة كالمسلم وما ادعاه من ضعف حرمته فراجع عليه في التسوية بينه وبين المسلم في وجوب القصاص ثم يقال قد أثبتت الذمة له حرمة فلا يسوى بينه وبين من عدمها في سقوط الكفارة كما لم يسو بينهما في سقوط الدية .