الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص48
القول فيها قول المدعى عليه مع يمينه ، فإن حلف برئ ، وإن نكل ردت اليمين على المدعي واستأنف اليمين ولم يجزه ما تقدم من أيمان القسامة .
والقسم الثالث : ما يرجع فيه إلى إرادته ، لاحتماله ويعمل فيه على بيانه ، وهو أن يقر بأن ما أخذه بالقسامة ظلم أو حرام وهذا محتمل أن يريد به أن الحكم بالقسامة على رأي أهل العراق ، ويحتمل أن يريد به أن الحكم بالدية دون القود ظلم على مذهب مالك حين أوجب القود بالقسامة ويحتمل أن يريد به أن دعوى اللوث كاذبة ، ويحتمل أن يريد به أن دعوى القتل دعوى كاذبة ، فلهذه الاحتمالات المتعارضة ما وجب أن يرجع إلى إرادته ويعمل فيه على بيانه وينقسم بيانه ثلاثة أقسام :
أحدهما : ما لا تبطل به القسامة ولا الدعوى ، وهو أن يريد أن الحكم بها ظلم على رأي أبي حنيفة ، أو يقصد على مذهب مالك ، فلا تبطل قسامته ، ولا يسترد ما أخذه ، لأن نفوذ الحكم يكون باجتهاد الحاكم لا باجتهاد المدعي لكن فيما بينه وبين الله تعالى أنه لا تحل له الدية ، إذا اعتقد أنه لا يستحقها وإن لم تسترجع منه .
والقسم الثاني : ما تبطل به القسامة وتبطل به الدعوى ، وهو أن يقر بالكذب فيها أو أن المدعى عليه كان غائباً عن بلد القتيل ، أو يدعي أن المنفرد بقتل أبيه غيره فتبطل قسامته ودعواه في هذا كله ، ويصير المدعى عليه بريئاً من الدعوى ، وعليه رد ما أخذ منه بالقسامة ، ولا تسمع دعواه على غيره لإكذابها بالدعوى الأولى ، فتصير باطلة في عموم الناس كلهم ولا تسمع بينة فيه ويصير دم أبيه هدراً .
والقسم الثالث : ما تبطل به القسامة ولا تبطل به الدعوى ، وهو أن يقر أن قتيله قتل في غير محلة هذا المدعى عليه فتبطل القسامة لبطلان اللوث فيها بإقراره ولا تبطل الدعوى لاحتمال أن يكون قد قتله في غير محلته ، والقول فيما بينه بإرادته مما لا تبطل به القسامة ، أو لا تبطل به الدعوى قوله مع يمينه وهي يمين واحدة ، لأنها ليست في دم وإنما هي في شأن كلام محتمل والله أعلم .