پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص44

إلا به ، فإن لم يقل وكان غائباً ، لم يكن تكذيباً صحيحاً ، لأنه نفى ما أثبته أخوه ، والنفي لا يعارض الإثبات .

فإذا أصبح التكذيب على ما ذكرنا ، فهل يكون التكذيب مبطلاً للوث ومانعاً من القسامة أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : اختيار المزني أنه لا يبطل اللوث من القسامة ، لأن ما استحقه أحدهما بيمينه لا يبطل بتكذيب الآخر كالحكم بيمينه مع الشاهد .

والقول الثاني : وهو اختيار أبي إسحاق المروزي أنه يبطل اللوث ويمنع القسامة ، لأن اللوث سبب ضعيف يقتضي غلبة الظن ، فإذا تعارض فيه التكذيب أوهاه ، وإذا وها بطل وخالف اليمين مع الشاهد ، لأنها نص ، واللوث استدلال ، يجوز أن يبطل بالتكذيب ولا يبطل به النص .

( فصل )

فإذا تقرر توجيه القولين : فإن قيل بالأول أن اللوث لا يبطل ، جاز للمدعي أن يقسم خمسين يميناً قولا واحداً ، ويأخذ نصف الدية ، لأنه لا يستحق غيره ، ولم يكن للأخ المكذب أن يقسم ، فإن ادعى قتله على آخر ، أقسم عليه وأخذ منه نصف الدية ، لأن التكذيب إذا لم يبطل اللوث في حق أحدهما لم يبطله في حقهما .

وإن قيل : بالقول الثاني أن اللوث قد بطل . سقطت القسامة وانتقلت الأيمان إلى المدعى عليه وفي قدر ما يحلف به قولان كالدعوى في غير لوث ، فإذا حلف برئ وإن نكل ردت اليمين على المدعي ، فإذا حلف فلا قود له ، وإن كان القتل عمداً فله نصف الدية ، لأن في تكذيب أخيه أبرأ منه ، ولو ادعى المكذب قتله على آخر ، منع من القسامة لأن التكذيب إذا أبطل اللوث في حق أحدهما أبطله في حقهما .

( فصل )

ويتفرع على ما قدمناه من حكم التكذيب : أن يدعي أحد الابنين مع اللوث قتله على واحد بعينه ، ويدعي الآخر قتله عليه وعلى آخر معه ، فيكون الأخ الثاني مكذباً للأخ الأول في نصف دعواه على القاتل الثاني ، ويصير الأخ الأول مكذباً للأخ الثاني في جميع دعواه على القاتل الأول وعلى القاتل الثاني فإن قيل إن اللوث لا يبطل بالتكذيب أقسم الأخ الأول على القاتل الأول دون الثاني واستحق عليه نصف الدية ، وأقسم الأخ الثاني على القاتل الأول وعلى القاتل الثاني واستحق على كل واحد منهما ربع الدية .

وإن قيل إن اللوث يبطل بالتكاذب ، أقسم الأخ الأول على القاتل الأول ، وأخذ منه ربع الدية ؛ لأنه مكذب في نصف الدعوى ومصدق في نصفها وأقسم الأخ الثاني على القاتل الأول وأخذ منه ربع الدية ، ولم يكن لهذا الأخ الثاني أن يقسم على القاتل