الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص26
والثاني : أن نكوله في غير القسامة لما لم يوجب حبسه . لنفس الأجبار عن الأيمان ، فنكوله في القسامة أولى لأن الأيمان فيها أكثر والتغليظ فيها أشد وقوله : ‘ إن الأيمان هي نفس الحق ) فليس صحيح لأن الأيمان لقطع الخصومة وإسقاط الدعاوى ولو كانت نفس الحق لما جاز أن يقبل منهم الدية إذا اعترفوا وحكمهم في الاعتراف أغلظ من الجحود .
أحدهما : وهو قول أبي حنيفة واختار المزني أنها لا تغلظ بالعدد ويستحق فيها بيمين واحدة يحلف به المدعى عليه على انكاره ؛ لأن لما سقط لعدم اللوث تغليظ القسامة في الابتداء بيمين المدعي سقط تغليظها بعدد الأيمان جمعا بينها وبين سائر الدعاوى في الأمرين .
والقول الثاني : أنها تغلظ بالعدد فيحلف خمسين يميناً ، تغليظاً لحرمة النفس ، كما تغلظ بالكفارة وإن لم يحكم فيها بالقسامة . فعلى هذا إن كان المدعى عليه واحداً حلف خمسين يميناً ، وإن كانوا جماعة فعلى ما قدمناه من القولين :
أحدهما : أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً .
والقول الثاني : أن الخمسين مقسطة بينهم على عدد الرؤوس .
فإن كانوا خمسة حلف كل واحد منهم عشرة أيمان ، وإن كانوا عشرة حلف كل واحد منهم خمسة أيمان ، فإن حلفوا برئوا وإن نكلوا ردت الأيمان على المدعي وهل تغلظ بالعدد إذا ردت عليه ؟ على قولين : كالمدعى عليه . أحدهما : لا تغلظ ويحلف يميناً واحدة . ويستحق دم صاحبه في العمد والخطأ .
والثاني : تغلظ بالعدد فيحلف خمسين يميناً فإن كان واحداً حلف جميعها وإن كانوا جماعة فعلى قولين :
أحدهما : يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً .
والقول الثاني : أنها تقسط بينهم على قدر مواريثهم بجبر الكسر . فإذا حلفوا حكم لهم بدم صاحبهم ، واستحقوا القود في العمد قولاً واحداً لأن أيمانهم بعد نكول المدعى عليه تجري مجرى إقراره ، في أحد القولين ومجرى البينة في القول الثاني .