پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص24

والثاني : تغليظ الأيمان بخمسين يميناً وهذا معتبر بحال المقتول فإن كملت فيه الدية بأن كان رجلاً حراً مسلماً كمل فيه تغليظ الأيمان بخمسين يميناً . وإن لم تكمل فيه الدية ، بأن كان امرأة وجبت فيها نصف الدية ، وكان ذمياً وجب فيه ثلث الدية ، ففيه وجهان :

أحدهما : تسقط الأيمان على كمال الدية فتغلظ في قتل المرأة بخمسة وعشرين يميناً ، وفي قتل الذمي بسبعة عشر يميناً ليقع الفرق في التغليظ بين حكم القليل والكثير اعتباراً بالدية .

والوجه الثاني : وهو أصح أنها تغلظ في كل قتيل بخمسين يميناً ممن قلت ديته وكثرت ، حتى في دية الجنين ، لأنه لما استوى التغليظ بالكفارة في قتل جميعهم كذلك في التغليظ بأيمان القسامة . فإذا تقرر أن المدعي يحلف خمسين يميناً لم يخل أن يكون واحداً أو جماعة فإن كان واحداً حلف جميعها ووالى بينها ولم يفرقها ، لأنها في الموالاة أغلظ وأزجر فإن حلف أكثرها ونكل عن أقلها ولو بيمين واحدة لم يستحق بما تقدم من أيمانه شيئاً من الدية لتعلق الحكم بجميعها ، وإن كانوا جماعة ففي أيمانهم قولان :

أحدهما : يحلف كل واحد منهم خمسين يميناً يستوي فيها من قل سهمه في الدية وكثر ؛ لأن تكرار الايمان موضوع للتغليظ والزجر ، وليس يزجر الواحد منهم إلا بأيمان نفسه ، فوجب أن يستوفى حقه ، فعلى هذا إن أقسموا جميعاً ، قضي لهم بجميع الدية واقتسموا على قدر مواريثهم ، فإن حلف بعضهم ونكل البعض قضي للحالف بحقه من الدية دون الناكل .

والقول الثاني : وهو الأصح أن الأيمان مقسومة بينهم على قدر مواريثهم بجبر الكسر . فإن كانوا زوجة وابناً وبنتاً حلفت الزوجة سبعة أيمان والابن ثلاثين يميناً والبنت خمس عشرة يميناً ثم على قياسه لأن التغليظ بعدد الأيمان يختص بالدعوى وهم فيها مشتركون فوجب أن يكونوا في تغليظ أيمانها مشتركين . فعلى هذا إن حلفوا قضي لهم بجميع الدية ، وإن حلف بعضهم ونكل بعضهم لم يحكم للحالف بحقه من الدية إلا بعد استكمال خمسين يميناً ، فإن طالب الناكل لم يستحق شيئاً بيمين غيره وإن استوفى الحاكم جميع الأيمان ، حتى يحلف عدد أيمانه التي تلزمه بقدر حقه .

فإن نكل جميعهم عن الأيمان ، ردت على المدعى عليه ، فإن كان واحداً حلف خمسين يميناً ، لأن الأيمان لما غلظت في جنبة المدعي ، وجب أن تغلظ في نقلها إلى المدعى عليه ، لتتكافأ الجنبتان في التغليظ ، فإن كان المدعى عليهم جماعة ففي أيمانهم قولان :