الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص403
سواء ألقته لستة أشهر فصاعداً في زمان لا تتم حياة مثله .
فأما المزني فإنه أعترض في هذه المسألة ونسب الكاتب إلى الغلط ، وقال إذا أوجب الشافعي فيه الدية إذا كان في حال تتم لمثله حياة اقتضى أن لا تجب فيه الدية إن كان في حال لا تتم لمثله حياة ، وليس يخلو اعتراضه هذا من أحد أمرين : إما أن يكون مقصوراً على تغليظ الكاتب وسهوه في النقل وأن الشافعي قد أفصح بذلك في كثير من كتبه ، وليس بمنكر أن يذكر قسمين ويجيب عنهما بجواب واحد لاشتراكهما في معناه .
وإما أن يكون معترضا بذلك في الجواب ويرى أنه إذا لم تتم لمثله حياة لم تجب فيه الدية فهو خطأ منه فيما خالف فيه مذهب صاحبه من وجهين :
أحدهما : أنه استوى في الكبير حال ما تطول حياته بالصحة وحال من أشفا على الموت بالمرض في وجوب الدية والقود لاختصاصه بإفاته حياة محفوظة الحرمة في قليل الزمان وكثيره وجب أن يستوى حال الجنين فيمن تتم حياته أو لا تتم في وجوب الدية ، لأنه قد أفات حياة وجب حفظ حرمتها في قليل الزمان وكثيره .
والثاني : أن وجوب الغرة في الجنين إنما كانت لأنه لم يعلم حياته عند الجناية وجاز أن يكون ميتاً قبلها ، وإذا سقط حياً تحققنا وجوب عند الجناية فاستوى حكم قليلها وكثيرها .
قال الماوردي : وهذه مسألة أوردها المزني احتجاجاً لنفسه وهي حجاج عليه ؛ لأن الشافعي قد أوجب القود والدية في المقتول لأقل من ستة أشهر إذا كانت فيه حياة قوية وإن لم تتم ولم يدم ؛ لأنه لا يجوز أن يعيش في جاري العادة لأقل من ستة أشهر فبطل به ما ظنه المزني من غلط الناقل وما ذهب إليه من مخالفة الشافعي ، ثم نشرح المذهب فيها فنقول :
لا تخلوا حياة الملقى لأقل من ستة أشهر من أن تكون قوية أو ضعيفة ، فإن كانت قوية يعيش منها اليوم واليومين فحكمه حكم غيره من الأحياء : إن قتله القاتل عمداً فعليه القود ، وإن قتله خطأ فعليه الدية ، وإذا ضمنه الثاني بقود أو دية سقط ضمانه عن