الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص402
يقف على الاستهلال بعض الحاضرين دون بعض فغلب حكم الإثبات على النفي ، وإن عدمت البينة لم يخل حال الضارب وعاقلته عند التناكر من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن ينكر الضارب والعاقلة معاً حياة الجنين ويدعوا أنه سقط ميتاً وقد ادعى الوارث حياته فالقول قول الضارب وعاقلته مع أيمانهم أنه سقط ميتاً ؛ لأن الأصل براءة الذمة وأنه لم يستقر للجنين حكم الحياة ، فإذا حلفوا وجبت الغرة دون الدية .
والقسم الثاني : أن يعترف العاقلة بحياة الجنين وينكرها الضارب ، فتتحمل العاقلة دية كاملة ، ولا يمين على الضارب ، لأن وجوب الدية على العاقلة المعترفة بها .
والقسم الثالث : أن يعترف الضارب بحياة الجنين وتنكرها العاقلة فلا تلزم العاقلة ما اعترف به الجاني لما قدمناه من قول النبي ( ص ) ‘ لا تحمل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا صلحا ولا اعترافاً ‘ وإذ كان كذلك توجهت اليمين علة العاقلة يستحقها الضارب دون وارث الجنين لأنه يصل إلى الدية من الضارب ، وإنما سقط بإنكارهم تحملها من الضارب فلذلك كان هو المستحق لإحلاف العاقلة دون الوارث ، فإذا حلفوا وجبت عليهم الغرة ، وقيمتها خمس من الإبل هي نصف عشر دية الذكر وعشر دية الأنثى ، وتحمل الضارب باقي الدية ، فإن كان الجنين ذكراً لزمه تسعة أعشار ديته ونصف عشرها ، وهو خمسة وتسعون بعيراً وإن كان أنثى لزمه تسعة أعشار ديتها وهو خمسة وأربعون بعيراً وعلى قياس هذا ما عداه .
قال الماوردي : وصورتها في امرأة ألقت من الضرب جنيناً متحركاً فحركته ضربان : حركة اختلاج ، وحركة حياة ، فحركة الاختلاج لا تجري عليها أحكام الحياة ، وتجب فيه الغرة دون الدية ، وحركة الحياة تجري عليها أحكام الحياة ، ويجب فيها الدية .
والفرق بين حركة الاختلاج ، وحركة الحياة ، أن حركة الاختلاج سريعة تتكرر كالرعشة في اليد ، وتكون في أعضاء الحركة وغيرها .
وحركة الحياة بطيئة لا يسرع تكرارها وتختص بأعضاء الحركة دون غيرها ، فإذا كان في الجنين حركة حياة كملت فيه دية الحي ، وجرى عليه في الميراث حكم الحياة ،