پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص401

قيل : لأن جناية الضارب سبب وجناية الجارح مباشرة واجتماعهما يوجب تعليق الحكم بالمباشرة دون السبب ، فلو اختلف ضارب الأم ووارث الجنين في موته بعد سقوطه فادعى الوارث موته بالضرب المتقدم وادعى الضارب موته بجناية حدثت فالقول قول الوارث مع يمينه ، والضارب ضامن لديته ، لأننا على يقين من ضربه وفي شك من جناية غيره ، فلو أقام الضارب البينة أنه مات بجناية غيره برئ من ديته بالبينة ولم يحكم بها على الجاني ، لأن الوارث مبرئ للجاني ومكذب للبينة بمطالبة الضارب ، فهذا حكمه إذا مات عقيب سقوطه .

( فصل )

فأما إذا تأخر فمات بعد يوم فما زاد نظر في حاله مدة حياته ، فإنه لم يزل فيها ضمنا مريضاً حتى مات فالظاهر من موته أنه بضربه فعليه الغرة .

والضرب الثاني : أن يكون مدة حياته ساكناً سليما فالظاهر من موته أنه من غير الضرب المتقدم ، لأنه قد يموت من غير ضرب فلا شيء على الضارب ، فإن ادعى الوارث عليه موته من ضربه أحلفه وبرئ بعد يمينه ، ولو اشتبهت حاله مدة حياته هل كان فيها ضمنا مريضاً وساكناً سليماً سئل عنه أهل الخبرة من قوابل النساء ، لأنهن بعلل المولود أخبر من الرجال ، فإن شهدن بمرضه ضمن الضارب ديته ، وإن شهدن بصحته لم يضمنها .

قال الربيع : وفيه قول آخر أنه لا تقبل فيه إلا شهادة الرجال ، لأنه قد تعرفه منهم من يعرفه ، فمن أصحابنا من أثبته قولاً للشافعي ومنهم من أنكره ونسبه إلى الربيع ، فلو ادعى الوارث مرضه في مدة حياته ليكون الضارب ضامناً لديته وادعى الضارب أنه كان صحيحاً فيها ليبرأ من ديته فالقول قول الضارب مع يمينه ، لأن الأصل براءة ذمته ولا ضمان عليه إلا أن يقيم الوارث البينة بمرضه فيحكم بعد إقامتها بمرضه ، ويصير القول قول الوارث مع يمنيه أنه مات من الضرب ، ويضمن الضارب ديته ، ويجوز أن يشهد بمرضه النساء المنفردات على الظاهر من مذهب الشافعي ؛ لأنها حالة يشهدها النساء وهن بمرض المولود أعرف من الرجال ، وفيه تخريج قول آخر للربيع أنه لا يسمع فيه إلا شهادة الرجال ، إما حكاية عن الشافعي أو تخريجاً عن نفسه على ما قدمناه .

( فصل )

ولو اختلفا في استهلال المولود فادعاه الوارث وأنكره الضارب جاز أن يقبل فيه شهادة النساء المنفردات كما تقبل في الولادة ، لأنها حال لا يكاد يحضرها الرجال .

فإن شهدن باستهلاله وحياته قضى على الضارب بديته تتحملها عنه العاقلة ، مائة من الإبل إن كان ذكراً أو خمسون من الإبل إن كان أنثى ، فلو أقام الضارب البينة أنه سقط ميتاً ولم يستهل حكم ببينة الاستهلال ، لأنها تثبت ما نفاه غيرها ، وقد يجوز أن