الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص399
على الضارب فإن أدعى عليها إسقاطه من غيرها أحلفها وضمن ديته ، فإن سكن ألمها بعد الضرب وألقته بعد زوال الألم فالظاهر أنها ألقته من غير الضرب فلا تلزمه ديته ، فإن أدعت أنها ألقته من ضربه أحلفته ، وليس يحتاج في هذه الأحوال كلها عند التنازع إلى بينة ، لأن البينة تشهد بالظاهر وحكم الظاهر معروف ، ولكن لو أدعت بعد تطاول المدة أنها ألقته من ضربه وأنكرها ، فإن قامت البينة على أنها لم تزل ضنية مريضة حتى ألقته كان القول قولها ، فإن أنكر أن يكون من ضربه أحلفها ، وإن لم تقم البينة بمرضها فالقول قوله ولها إحلافه .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا ألقت من الضرب جنيناً حياً ثم مات ففيه الدية كاملة ، إن كان ذكراً فمائة من الإبل ، وإن كان أنثى فخمسون من الإبل ، وحياته تعلم بالاستهلال تارة ، وبالحركة القوية أخرى ، والاستهلال هو الصياح والبكاء ، وفي معناه العطاس والأنين .
وأما الحركة القوية فمثل ارتضاعه ، ورفع يده ، وحطها ، ومد رجله ، وقبضها ، وانقلابه من جنب إلى جنب إلى ما جرى هذا المجرى من الحركات التي لا تكون إلا في حي .
فأما الاختلاج والحركة الضعيفة فلا تدل على الحياة ، لأن لحم الذبيحة قد يختلج ولا يدل على بقاء الحياة ، وإنما تثبت حياته بأحد أمرين :
استهلال ، أو حركة قوية .
وبه قال أبو حنيفة وأكثر الفقهاء .
وقال مالك تثبت حياته بالاستهلال ولا تثبت بالحركة .
وبه قال سعيد ابن المسيب والحسن وابن سيرين ، واختلفوا في العطاس هل يكون استهلال ؟ فأثبته بعضهم ونفاه آخرون ، واستدلوا على أن ما عدا الاستهلال لا تثبت به الحياة بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إذا استهل المولود صلى عليه وورث ‘ فخص الاستهلال بحكم الحياة فدل على أنه لا يثبت بغيره .