الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص394
بالقيمة ، لأنها أنفى للجهالة فقومت بنصف عشر الدية خمس من الإبل ، أو ستمائة درهم أو خمسين دينار مع وصفها بما قدمنا من السن والسلامة من العيوب فلا يقبل منه الغرة في الجنين الحر المسلم إلا بهذه القيمة ، وإنما كان كذلك لأمرين : أثر ، ومعنى .
فأما الأثر فهو ما روي عن عمر وعلي وزيد رضي الله عنهم أنهم قدروها بهذا القدر الذي لم يخالفوا فيه فكان إجماعاً .
وأما المعنى : فهو أنه لما كان الجنين على أقل أحوال الإنسان اعتبر فيه أقل ما قدره الشرع من الديات وهو دية الموضحة ، ودية السن المقدرة بخمس من الإبل هي نصف عشر دية النفس فجعل اقل الديات قدراً حداً لأقل النفوس حالاً .
أحدهما : وهو قول البصريين أنها تقوم بالإبل ؛ لأن الإبل أصل الدية ، فإن كانت الجناية على الجنين خطأ محضاً فهي مقدرة بخمس من الإبل أخماس : جذعة ، وحقة ، وبنت لبون ، وبنت مخاض ، وابن لبون ، وإن كانت عمد الخطأ فهي مقدرة بخمس من الإبل أثلاث [ جذعة ، وخلفتان ونصف ، وحقة ونصف ] وليس يمكن أن تقوم الغرة بالإبل ، لأنها ليست من جنس القيم فوجب أن يقوم الخمس من الإبل الأخماس في الخطإ والأثلاث في عمد الخطإ بالورق ، لأنها أصل القيم ، فإن بلغت قيمتها في التغليظ ألف درهم وفي التخفيف سبعمائة درهم أخذنا منه غرة عبد أو أمة قيمتها في جناية الخطإ المحض سبعمائة درهم ، وقيمتها في جناية عمد الخطإ ألف درهم .
والوجه الثاني : وهو قول جمهور البغداديين أننا تقدرها بالورق المقدرة بالشرع دون الإبل ، لأن الإبل ليست من أجناس القيم ولا هي مأخوذة فتكون عين المستحق ، وإذا قومت بالإبل احتيج إلى تقويم الإبل فوجب أن يعدل في تقويم الغرة إلى ما هو أصل في القيم وهي الورق ، فعلى هذا تقوم الغرة في الخطإ المحض بستمائة درهم ويزاد عليها في عمد الخطإ ثلثها ، فتقوم فيه بثمان مائة درهم ، وعلى هذا يكون التفريع .