الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص393
وأما غاية سن الغرة فمعتبر بشرطين .
أحدهما : أكمل ما يكون نفعاً .
والثاني : أزيد ما يكون ثمناً وهي قبل العشرين أزيد ثمناً وأقل نفعاً ، وبعد العشرين أكمل نفعاً وأقل ثمناً ، فاقتضى أن تكون العشرون سنة حدا للغاية ؛ لأنها أقرب سن إلى الجمع بين زيادة الثمن وكمال المنفعة فلا يقبل فيما جاوزها ويقبل فيما دونها ويستوي فيها الغلام والجارية ، وفرق بعض أصحابنا في غاية السن بين الغلام والجارية فجعل الغاية في سن الغلام خمس عشر سنة وهي حال البلوغ ، والغاية في سن الجارية عشرين سنة ، لأن ثمن الغلام بعد البلوغ ينقص وثمن الجارية إلى العشرين ، يزيد وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : لما لم يختلفا في أول السن وجب أن لا يختلفا في آخره .
والثاني : أن نقصان ثمنه مقابل لزيادة نفعه فتعارضا وتساوا فيهما الجارية والغلام ، لأن تأثير السن في الجارية أكثر من تأثيره في الغلام .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، يعتبر في الغرة السلامة من العيوب كلها وإن لم يعتبر في الكفارة من العيوب إلا ما أضر بالعمل فيها للفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن الرقبة في الكفارة مطلقة فجاز أن يلحقها بعض العيوب وفي الغرة مقيدة بما يقتضي السلامة من جميع العيوب ، ولذلك جاز في الكفارة من نقص السن ما لم يجز في الغرة .
والثاني : أن الكفارة حق لله تعالى تقع فيه المباشرة والغرم عوض لآدمي يعتبر فيه السلامة كما يعتبر السلامة من العيوب في إبل الدية .
فأما الخصي والمجبوب فلا يؤخذ في الغرة ، لأنه وإن كان أزيد ثمناً فإنه أقل نفعا ، ويجزئ في الغرة ذات الصنعة وغيرها ، لأن الصنعة زيادة على كمال الخلقة فلم يعتبر فيها كما لم يعتبر فيها الاكتساب .
قال الماوردي : اعلم أن إطلاق الغرة لا ينفي عنها جهالة الأوصاف فاحتيج إلى تقديرها بما ينفي الجهالة عنها لتساوي جميع الديات في الصفة فعدل إلى وصفها