الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص387
ثم ذكر حالة ثالثة هي للولد ثانية فقال تعالى : ( ثم خلقنا النطفة علقة ) [ المؤمنون : 14 ] والعلقة هي الدم الطري الذي انتقلت النطفة إليه حتى صارت علقة ، وسميت علقة لأنها أول أحوال العلوق ، والعلقة في حكم النطفة في أنه لم يستقر لها حرمة ولم يتعلق بها شيء من الأحكام الثلاثة بإجماع الفقهاء فلا تجب فيها غرة ، ولا تصير بها أم ولد ، ولا تنقضي بها العدة .
ثم ذكر حالة رابعة هي للولد ثالثة فقال تعالى : ( فخلقنا العلقة مضغة ) [ المؤمنون : 14 ] والمضغة اللحم ، وهو أول أحوال الجسم ، سميت مضغة ، لأنها بقدر ما يمضغ من اللحم ، وهو الذي تقدم فيه الخلاف فأوجب فيه مالك غرة ، وأوجب فيه أبو حنيفة حكومة ، ولم يوجب فيه الشافعي شيئاً ولا تصير به على قوله أم ولد وفي انقضاء العدة به قولان :
أحدهما : تنقضي به العدة لما فيه من استبراء الرحم .
والثاني : لا تنقضي به العدة كما لا تصير به أم ولد ولا تجب فيه الغرة .
ثم ذكر حالة خامسة وهي للولد رابعة قال تعالى : ( فخلقنا المضعة عظاماً فكسونا العظام لحما ) [ المؤمنون : 14 ] فاحتمل خلق العظم واللحم على وجهين :
أحدهما : أن يكونا في حالة واحدة قد خلق عظماً كساه لحماً .
والثاني : أن يكون في حالتين خلق في إحداهما عظماً ثم كساه بعد استكمال العظم لحماً فيكون اللحم حالة سادسة هي للولد خامسة .
ثم ذكر حالة سابعة هي للولد سادسة فقال تعالى : ( ثم أنشأناه خلقا آخر ) [ المؤمنون : 14 ] وفيه تأويلان :
أحدهما : أنه نفخ الروح فيه ، قاله ابن عباس .
والثاني : أنه تميز ذكر أو أنثى قاله الحسن ، ومحصول هذه الأحوال يرجع إلى ثلاثة أقسام : مضغة وما قبلها وما بعدها .
فأما المضغة وما قبلها فقد ذكرناه ، وقلنا ، إن ما قبل المضغة لا يتعلق به شيء من الأحكام الثلاثة ، وإن المضغة لا يتعلق بها ما سوى الغرة وفي العدة قولان :
وأما ما بعد المضغة فتنقضي به العدة وما وجبت فيه الغرة من ذلك صارت به أم ولد ، والغرة فيه تختلف بحسب اختلاف أحواله بعد المضغة وله بعدها ثلاثة أحوال :
أحدها : أن لا يبين فيه صورة ولا تخطيط الصور فلا تجب فيه الغرة .