الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص380
والثاني : أنه لما وقع الفرق في تلف الوديعة بين أن تكون بعد طلبها فيضمن ، وبين أن يكون قبل طلبها فلا يضمن ، وجب أن يقع الفرق في ميل الحائط بين أن يكون سقوطه بعد مطالبته فيضمن وبين أن يكون قبل مطالبته لا يضمن ؛ لأن يده على حائط قد استحق عليه رفعه كما يد المودع على مال قد استحق عليه رده ، فوجب أن يستويا في الفرق بين المطالبة والإمساك .
ودليلنا شيئان :
أحدهما : أن لا يخلو ميل الحائط من أن يكون موجباً للضمان فلا يسقط بترك الإنكار ، كما لو حفر بئراً في غير ملكه ، أو يكون غير موجب للضمان فلا يجب الإنكار كما لو حفر بئراً في ملكه ، فلم يبق للإنكار تأثير في سقوط ما وجب ولا في وجوب ما سقط .
والثاني : أنه لا يخلو إما أن يكون الإنكار مستحقا فلا يسقط حكمه بعدمه كالمنكرات ، أو يكون غير مستحق فلا يثبت حكمه بوجوده كالمباحات ، فلم يبق للإنكار تأثير في إباحة محظور ولا في حظر مباح ، وبه يقع الانفصال عما احتج به من تعديه بعد الإنكار وعدمه قبله ، واحتجاجه بالوديعة لا يصح ، لأن المودع نائب عن غيره فجاز أن يتعلق ضمانها بطلبه ، وليس صاحب الحائط المائل نائباً فيه عن غيره فلم يتعلق ضمانه بإنكاره وطلبه .
أحدهما : أن يكون قائما على انتصابه ، فليس لواحد منهما مطالبة الآخر بهدمه ، ويكون مقرا على استدامه وإن خافاه حتى يتفقا على هدمه ، فإن أراد أحدهما أن ينفرد بهدمه والتزام مؤنته نظر فيه ، فإن كانت قيمته قائماً مستهدماً أكثر من قيمته نقصاً