پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص379

سابل ، فقد أرسل الشافعي جوابه في سقوط الضمان وقال : لا شيء عليه ، وعلل بأن الميل حادث من غير فعله ، واختلف أصحابنا في إطلاق هذا الجواب هل هو محمول على ميله إلى غير ملكه أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : وهو قول المزني وأبي سعيد الإصطخري ، وأبي علي الطبري ، وأبي حامد الاسفراييني ، أنه محمول على ميله إلى غير ملكه ، وأنه لا ضمان عليه فيما تلف بسقوطه لأمرين :

أحدهما : أن أصله في ملكه وميله ليس من فعله ، فصار كما لو مال فسقط لوقته وهذا غير مضمون فكذلك إذا ثبت مائلاً ثم سقط .

والثاني : أن طيران الشرر من أجيج النار أحظر وضرره أعم وأكثر ، ثم ثبت أنه لو أجج في داره ناراً طار شررها لم يضمن ما تلف بها لحدوثه عن سبب مباح ، فوجب إذا بنى حائطاً فمال أن لا يضمن ما تلف به ، وسقوط الضمان في الحائط أولى ؛ لأنه لا يقدر على التحرز من ميله ويقدر على التحرز من شرر النار .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة أن جواب الشافعي في سقوط الضمان محمول على ميله إلى ملكه ، فأما ميله إلى غير ملكه فموجب للضمان ، وهذا أصح الوجهين عندي وإن كان الأول أشبه بإطلاق جواب الشافعي وإنما وجب به الضمان لأمرين :

أحدهما : أنه يؤخذ بإزالة ميله إذا مال بنفسه كما يؤخذ بإزالته إذا بناه مائلاً ، فصار بتركه على ميله مفرطاً وببنائه مائلاً متعدياً ، وهو يضمن بالتفريط كما يضمن بالتعدي فوجب أن يستويا في لزوم الضمان .

والثاني : أنه لو أشرع جناحاً من داره أقر عليه وضمن ما تلف به وهو لا يقر على ميل الحائط فكان أولى أن يضمن ما تلف به .

( فصل )

فإذا تقرر توجيه الوجهين لم يعتبر في واحد منها إنكار الوالي والإشهاد عليه ، وإن قيل بسقوط الضمان لم يجب بإنكار الوالي والإشهاد عليه ، وإن قيل بوجوب الضمان لم يسقط إمساك الوالي وترك الإشهاد عليه .

وقال أبو حنيفة : إن أنكره الوالي أو كان ميله إلى الطريق أو الجار وإن كان ميله إلى داره وأشهد عليه ضمن ، وإن لم ينكراه ولم يشهدا عليه لم يضمن فصار مخالفا كلا الوجهين احتجاجاً بأمرين :

أحدهما : أنه يصير بتركه بعد الإنكار والمطالبة متعدياً فلزمه الضمان لتعديه ، وهو قبل الإنذار غير متعد فلم يلزمه الضمان لعدم التعدي .