الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص377
الأول لما جذب الثاني صار مشاركاً له في جذب الثالث ، ولما جذب الثالث الرابع صار مشاركاً للأول والثاني في قتل نفسه وهم ثلاثة ، فسقط من ديته ثلثها ، لأنه في مقابلة فعله ، ووجب ثلثاها على الأول والثاني ، وأما دية الرابع فجميعها واجبة لا ينهدر منها شيء ؛ لأنه مجذوب وليس بجاذب ومقتول وليس بقاتل ، وفيمن تجب عليه ديته وجهان :
أحدهما : تجب على الثالث وحده ، لأنه باشر جذبه .
والوجه الثاني : أنها تجب على الأول والثاني والثالث أثلاثاً ، لأن كل واحد منهما جاذب لمن بعده فصاروا مشتركين في جذب الرابع فاشتركوا في تحمل ديته والله أعلم .
قال الماوردي : وصورتها : في حائط سقط في من دار رجل فأتلف نفوساً وأموالا فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون الحائط منتصبا فيسقط عن انتصابه .
والثاني : أن يبنيه المالك مائلا فيسقط لإمالته .
والثالث : أن يبنيه منتصباً ثم يميل ثم يسقط لميله .
فأما القسم الأول وهو أن يكون منتصباً فيسقط عن انتصابه من غير ميل مستقر فيه فلا ضمان عليه فيما تلف ، به سواء كان سقوطه إلى داره أو دار جاره أو إلى الطريق السابل ؛ لأنه لم يكن منه عدوان يوجب الضمان ، وسواء كان في الحائط شق بالطول أو بالعرض وقال ابن أبي ليلى : إن كان شق الحائط طولاً لم يضمن ، وإن كان شقه عرضاً ضمن ؛ لأن شق العرض مؤذن بالسقوط فصار بتركه مفرطاً ، وشق الطول غير مؤذن بالسقوط فلم يصر بتركه مفرطاً ، وقد قال الله تعالى فيما حكاه عن موسى والخضر عليهما السلام ( فوجدا فيهما جداراً يريد أن ينقص فأقامه ) [ الكهف : 77 ] ومعنى ينقض : أي يسقط ، فلو لا ما في تركه من التفريط لما أقامه ولي الله الخضر ، ولأقره على حاله لمالكه ، وهذا الذي قاله ابن أبي ليلى فاسد من وجهين :