پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص375

خصوصها ، وفي قول النبي ( ص ) ‘ البئر جبار والمعدن جبار ‘ [ وفيه ] تأويلان :

أحدهما : المراد به الأجبر في حفر البئر والمعدن إذا تلف كان هدراً .

والثاني : أن ما سقط فيها بعد الحفر هدر ، ولا يمتنع أن يحمل على عموم الأمرين فيما استبيح فعله وإن أريد به أحدهما لاشتراكهما في المعنى .

( فصل )

ويتفرع على ما ذكرناه إن بنى مسجدا في طريق سابل ، فإن كان مضرا بالمارة لضيق الطريق أو سعة المسجد كان ضامنا لما تلف به من المارة وإن لم يضر بهم ، فإن كان قد بناه بإذن الإمام لم يضمن ، وإن بناه بغير إذنه ففي ضمانه وجهان : لأنه من عموم المصالح ، ولو علق قنديلا في مسجد فسقط على إنسان فقتله أو فرش فيه بارية أو حصيرا فعثر به داخل إليه فخر ميتا فقد كان أبو حامد الإسفراييني يجريه مجرى بناء المسجد إن كان بإذن الإمام لم يضمن ، وإن كان بغير إذنه فعلى وجهين وخالفه سائر أصحابنا وقالوا : لا يضمن وجها واحدا ، سواء أذن فيه الإمام أو لم يأذن ، وهو الصحيح لكثرته في العرف ، وإن أذن الإمام فيه شق .

( فصل )

وإذا استقر حفر البئر بحق فوقع فيها واقع ووقع فوقه آخر وحدث من ذلك موت فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يقع الثاني خلف الأول من غير جذب ولا دفع ، فإن مات الأول فديته هدر ، لأنه لا صنع لغيره في موته ، وإن ماتا جميعاً وجبت دية الأول على الثاني ، وكانت دية الثاني هدراً لما ذكرنا ، روى علي بن رباح اللخمي أن بصيراً كان يقود أعمى فوقعا في بئر ووقع الأعمى فوق البصير فقتله فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى فكان الأعمى ينشد في الموسم ويقول :

( يا أيها الناس لقيت منكرا
هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا )
( خرا معاً كلاهما تكسرا
)

والضرب الثاني : أن يجذب الأول الثاني فيقع عليه ، فإن مات الأول كانت ديته هدراً وإن مات الثاني كانت ديته كلها على الأول بخلاف الضرب الأول ، لأن الجاذب هو القاتل والأول جاذب والثاني مجذوب ، فصار الأول ضامناً غير مضمون ، والثاني مضموناً غير ضامن ، فعلى هذا لو وقع الأول ثم وقع عليه الثاني ثم وقع عليهما ثالثا ، فإن كان وقوعهم من غير جذب ولا دفع فدية الأول على الثاني والثالث ؛ لأنه