پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص366

هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله ‘ وإنما قال ذلك لأن خزاعة وبنى كعب كانوا حلفاء رسول الله ( ص ) وحلفاء بني هاشم فتحمل العقل عنهم بالحلف مع التباعد في النسب .

والدليل عليهم قوله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ) [ الأنفال : 75 ] فكان على عمومه في اختصاصهم بأحكام النسب .

وروي أن علي بن أبي طالب عليه السلام أراد أن يحالف رجلاً فنهاه رسول الله ( ص ) عن ذلك وقال : ‘ لا حلف في الإسلام ‘ أي لا حكم له ، لأن الحلف إن كان على معصية كان باطلاًن وإن كان على طاعة فدين الإسلام يوجبها فلم يكن للحلف تأثير ، ولأن عقود المناكح أوكد من الحلف ، ثم لا توجب تحمل العقل ، فكان الحلف أولى أن لا يوجبه ، وأما تحمل رسول الله ( ص ) عقل خزاعة فعنه ثلاثة أجوبة :

أحدها : أنه تحمل عقلهم تفضلاً لا وجوباً .

والثاني : يجوز أن يكون تحمله عنهم حين كان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالحلف .

والثالث : أن معنى قوله : ‘ وأنا والله عاقله ‘ أي أحكم بعقله .

وأما العديد : فهو أن القبيلة القليلة العدد تعد نفسها عند ضعفها عن المحاماة في جملة قبيلة كثيرة العدد قوية الشوكة ليكونوا منهم في التناصر والتظافر ولا يتميزون عنهم في سلم ولا حرب ، أو ينافر الرجل الواحد قومه فيخرج نفسه منهم وينضم إلى غيرهم ويعد نفسه منهم فهذا أضعف الحلف ، لأن في الحلف أيماناً ملتزمة وعقوداً محكمة وهذا استجارة وغوث فلم يتوارث به المسلمون مع توارثهم بالحلف فكان أولى أن لا يوجب تحمل العقل ، ولا أعرف قائلا بوجوب عقله .

وأما الموالاة ، فهو أن يتعاقد الرجلان لا يعرف نسبهما على أن يمتزجا في النسب والنصرة ليعقل كل واحد منهما عن صاحبه [ ويرثه ، فهذا عقد فاسد على مذهب الشافعي ، وأكثر الفقهاء لا يوجب توارثاً ، ولا عقلاً ، وأجازه أبو حنيفة وقال : لا يرث واحد منهما صاحبه ] إلا أن يعقل عنه ، فإذا عقل عنه توارثاً ، والكلام فيه مذكور في التوارث بالولاء وبالله التوفيق .