پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص363

عاقلته بالشام ، ولحاكم مكة فيما يكاتب حاكم الشام حالتان :

إحداهما : وهو أقل ما يجزئ : أن يكتب به أن يقول : ثبت عندي أن فلانا قتل فلانا خطأ مضموناً ، فيذكر القاتل باسمه ونسبه وقبيلته ، ويذكر المقتول باسمه ونسبه وإسلامه وحريته ، لاختلاف الدية بالإسلام والحرية ، ولا يلزمه أن يذكر قبيلة المقتول وإن لزمه أن يذكر قبيلة القاتل لتوجيه الحكم على قبيلة القاتل دون المقتول ، فيكون حاكم مكة ناقلاً لثبوت القتل المضمون من القاتل للمقتول ، ويختص حاكم الشام بالحكم فيحكم بوجوب الدية على العاقلة ، ويحكم بفضها عليهم بحسب أحوالهم ، ويحكم باستيفائها منهم عند حلولها عليهم .

والحال الثانية : أن يكتب حاكم مكة بثبوت قتل الخطأ ويحكم بالدية فيه على عاقلة القاتل وهم بنو فلان إشارة إلى قتيلهم .

فإن قيل : فكيف نقضي عليهم وهم غير حضور ولا معينين ؟

قيل : لأن حكمه على عموم القبيلة لا على أعيان كل واحد من أهلها لتوجه الحكم إلى عمومهم دون أعيانهم ، فيحتاج حاكم الشام أن يحكم بفضها عليهم بحسب أحوالهم ويحكم باستيفائها منهم ، وقد تقدم من حاكم مكة الحكم بوجوبها عليهم ، ولا يسع حاكم مكة أن يزيد على هذا في فضها واستيفائها ؛ لأن أعيان من تقضى عليه وتستوفى منه لا يعرف إلا عند الحلول والاستيفاء لتغير الأحوال في الإيسار والإعسار ، ولكن يسعه أن يقول : وحكمت على كل موسر منهم بنصف دينار وعلى كل مقل بربع دينار ، فيقطع اجتهاد حاكم الشام في التقدير ، ولو لم يحكم بهذا كان التقدير موقوفاً على حاكم الشام ليحكم فيه برأيه .

( فصل )

وأما الحال الثالثة : وهو أن يكون بعض عاقلته حضوراً بمكة وبعضهم غيباً بالشام فهذا على ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون الأقربون نسباً حضوراً بمكة والأبعدون نسباً غيباً بالشام فيفضها حاكم مكة على الأقربين بمكة ، فإن احتملوها خرج منها الأبعدون بالشام لاختصاص من حضر بقرب الدار وقرب النسب ، فإن عجزوا عنها كتب حاكم مكة بالباقي منها إلى حاكم الشام حتى يستوفيه من الأباعد .

والقسم الثاني : أن يكون الأبعدون نسباً حضوراً بمكة والأقربون نسباً غيباً بالشام ففيها قولان :

أحدهما : أنها تقضي على الأقربين نسباً بالشام لاختصاصها بالنسب الذي يستحق