الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص351
المغصوب إذا قوم مثله عند إعوازه ثم وجد بعد القيمة يرجع بالطعام إن لم تقبض القيمة ، ولا يرجع به إن قبضها .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، دية العاقلة تستحق على الموسر والمتوسط ، ولا تجب على الفقير المعسر ، لأنها مواساة فأشبهت نفقات الأقارب ، ولأن المقصود بها أزالة الضرر عن القاتل فلم يجز أن يدخل بها الضرر على المتحمل العاقل ، وخالفت دية العمد التي يؤخذ بها الغني والفقير لاستحقاق العمد بمباشرته واستحقاق الخطأ بمواساته .
فأما الجزية ففي أخذها من الفقير قولان :
أحدهما : لا تؤخذ منه كالعاقلة .
والثاني : تؤخذ منه الجزية وإن لم تؤخذ الدية من فقراء العاقلة للفرق بينهما بأن الجزية موضوعة لحقن الدم وإقراره في دار الإسلام فصارت عوضاً ، وتحمل الدية مواساة محضة والفقر يقسط المواساة ولا يسقط المعاوضة .
قال الماوردي : اعلم أن ما يستحق بالحول ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : ما كان الحول فيه مضروبا للوجوب وهو حول الزكاة .
والثاني : ما كان الحول فيه مضروباً للأداء مع تقدم الوجوب وهو حول العاقلة .
والثالث : ما اختلف فيه هل هو مضروب للوجوب أو للأداء على وجهين ، وهو حول الجزية .
فإذا تقرر هذا فالفقر والغنى في العاقلة معتبر عند انقضاء الحول وقت الأداء ولا يعتبر في أوله وقت الوجوب ، فإن قيل : فالاعتبار بوقت وجوبه أولى من الاعتبار بوقت أدائه كالجزية .
قيل : لأن الجزية معينة فاعتبر بها وقت وجوبها ، والدية تجب بالقتل على الإطلاق ولا يتعين إلا عند الاستحقاق ، ألا ترى لو مات أحد العاقلة قبل الحول لم تؤخذ من تركته ، ولو تعين استحقاقها لأخذت ، فإذا تقرر اعتبار الغنى والفقر عند حلول الحول فمن كان منهم عند الحلول غنياً وجبت عليه ، وإن كان فقيراً في أوله ، ومن كان منهم عند الحول فقيراً لم تجب عليه وإن كان غنياً في أوله ، فلو حال الحول