پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص347

وسواء كانت عصبته معه في الديوان أو لم تكن ؛ لأن النبي ( ص ) قضى بدية المقتولة على عاقلة القاتلة ولم يكن على عهده ديوان .

وكذلك قضى أبو بكر رضي الله عنه بالدية على العاقلة ولم يكن في خلافته ديوان ، وكذلك في صدر من أيام عمر إلى إن أحدث الديوان في آخر أيامه لتميز القبائل وترتيب الناس في العطاء ، فلم يجز العدول به عما كان في أيام رسول الله ( ص ) إلى غيره من أمر حدث بعده ، لأنه يكون نسخاً ، والنسخ مرتفع بعد موت الرسول الله ( ص ) ، ولأن كل حكم تعلق بالتعصيب مع عدم الديوان ، تعلق به مع وجود الديوان كالميراث وولاية النكاح ، ولأنها جناية يتحمل عقلها فوجب أن يختص بها العصبات كالذي لا ديوان له ولأن كل سبب لا يستحق به الميراث لم يتحمل به العقل كالجوار ولأن عدم العقل في مقابلة غنم الميراث ليكون غانماً وغارماً ولا يجتمع هذا إلا في العصبات ، ولذلك انتقل عنهم العقل إذا عدموا إلى بيت المال لانتقال ميراثه إليه ، ولا يعقل بيت المال عن الكافر ، لأن ماله يصير إليه فيئاً لا ميراثاً وفيما ذكرنا انفصال وبالله التوفيق .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولا أعلم مخالفا أن الصبي والمرأة لا يحملان منها شيئاً وإن كانا موسرين وكذلك المعتوه عندي ‘ .

قال الماوردي : وهو كما قال ، لا يعقل من العصبات إلا الرجال العقلاء الأحرار دون النساء والصبيان والمجانين والعبيد ، لأمرين :

أحدهما : أنها مختصة بأهل النصرة من العصبات .

والثاني : أن تحمل العقل في الإسلام بدل من المنع بالسيف في الجاهلية ، وذلك مختص بالرجال العقلاء الأحرار .

فإن قيل : فسهم ذوي القربى مستحق بالنصرة ولذلك ضم رسول الله ( ص ) بني المطلب إلى بني هاشم وقال : ‘ لأنهم ما افترقوا في جاهلية ولا إسلام ‘ ، ثم سوى فيه بين الرجال والنساء والصبيان فهلا كان العقل بمثابته ، وإن كان مستحقاً بالنصرة ؟

قيل : لأن سهم ذوي القربى مستحق بالقرابة وإن أثرت في النصرة فلذلك كان للذكر فيها مثل حظ الأنثيين ، فلذلك أجرى عليهما حكم المواريث وخالفت العقل الذي هو مقصور على التعصيب والنصرة .

( فصل )

فإذا تقرر هذا فلا فرق في العاقلة بين المقاتلة وغير المقاتلة ، لأن جميعهم من بين ناصر بيد أو لسان ، فأما الشيوخ والمرضى فمن كان منهم باقي المنة ولم ينته إلى عجز الهرم والإياس بالمرض تحملوا العقل ، فقد تحمل عمار بن ياسر العقل وهو شيخ كبير يحارب في محفة ، فأما من انتهت به السن إلى عجز الهرم وانتهى به المرض