الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص345
هاهنا ، وإن كان ابن عم فلم يجمع بين تحملها وتحمل العقل ، وخالف ولاية التزويج الذي قد وجدت فيه مع البنوة شروط العصبات ، والله أعلم بالصواب .
وقال أبو حنيفة : يشاركهم في تحمل الدية ويكون فيها كأحدهم ، استدلالا بما روي أن سلمة بن نعيم قتل مسلماً ظنه كافراً فقال له عمر : ديته عليك وعلى قومك ، ولم يظهر له مخالف .
ولأن تحمل الدية عن القاتل مواساة له وتخفيف عنه فلم يجز أن يتحمل عنه ما لا يتحمله عن نفسه كالنفقة ، ولان تحملها عنه نصرة له وهو أحق بنصرة نفسه من غيره .
ودليلنا حديث جابر أن النبي ( ص ) جعل دية المقتولة على عاقلة القاتلة فكان الظاهر أن جعل جميعها على العاقلة ، ولأن تحمل المواساة يوجب استيعاب ما وقعت به المواساة كالنفقة وزكاة الفطر ، وفيه انفصال عما استدلوا به من المواساة ، ولأنه لما تفرد القاتل بدية العمد وجب أن تتفرد العاقلة بدية الخطأ ، لأن الدية مستحقة في جهة واحدة ، وحديث عمر محمول على أنه جعلها عليه وجوباً وعلى قومه ، تحملاً
وأما النصرة فلا اعتبار بها ، لأن الزوج ينصر زوجته ولا يعقل عنها ، وعلى أن العاقلة قد كفوه النصرة .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن تفرد الأقارب بها دون الأباعد إجحاف فخرج عن المواساة ، وأخذها من كل قريب وبعيد يفضي إلى دخول جميع بني آدم فيها فوجب أن يراعي في تحملها الأقرب فالأقرب كالميراث .
وقال أبو حنيفة : يستوي فيها القريب والبعيد ويشتركون في تحملها على سواء استدلالا بأن النبي ( ص ) قضى بدية المقتول على عاقلة القاتلة ، وان عمر بن الخطاب قال لعلي رضي الله عنهما في دية الجنين الذي أجهضته المرأة الموهوبة : ‘ عزمت عليك لتقسمنها على قومك ‘ ولم يفرق بين القريب والبعيد .
وهذا فاسد ، لأن كل حكم تعلق بالتعصيب وجب أن يعتبر فيه الترتيب كالميراث وولاية النكاح ، ولأن الأقرب أخص بالنصرة من الأبعد ، فكان أحق بالعقل منه .