الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص344
والثاني : أن مراده القضاء بأصل الدية وهو متفق عليه .
فأما تأجيلها في ثلاث سنين فهو مروي عن الصحابة ، روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما جعلا دية الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين ، ولأن العاقلة تتحمل دية الخطأ مواساة ، وما كان طريق المواساة كان الأجل فيه معتبراً كالزكاة ، ولما خرجت عن عرف الزكاة في القدر زاد حكمها في الأجل ، فاعتبر في عدد السنين أكثر القليل وأقل الكثير فكان ثلاث سنين ، وبهذا خالف العبد وقيم المتلفات ، لأنه لا مواساة فيهما ، ولا اعتبار بما قاله ربيعة أنها مؤجلة في خمس سنين ، لأن دية الخطأ أخماس ، لأن عمد الخطإ أثلاث والأجل فيهما سواء .
قال الماوردي : العاقلة هم العصبات سوى الوالدين من الآباء والمولودين من الأبناء كالإخوة وبنيهم والأعمام وبنيهم ، وأعمام الآباء والأجداد وبنيهم .
وقال مالك وأبو حنيفة : يتحملها الآباء والأبناء وهم من العاقلة كسائر العصبات استدلالا بأنهم عصبة فأشبهوا في العقل سائر العصبات وهم أولى ، لأن تعصيبهم أقوى ، ولأن النصرة لهم ألزم فكانوا أحق بتحمل الغرم .
ودليلنا قول رسول الله ( ص ) في حديث الحسحاس بن خباب وأبي رمثة في الابن ‘ أنه لا يجنى عليك ولا تجني عليه ‘ وحديث ابن مسعود أن النبي ( ص ) قال : لا يؤخذ الأب بجريرة ابنه ولا الابن بجريرة أبيه ‘ .
وهذه الأحاديث نصوص مع حديث أبي هريرة ، ولأن عمر رضي الله عنه قضى في موالي صفية للزبير بالميراث وعلى علي بالعقل ، وهو إجماع ، ولأن كل من لا يحمل العقل مع وجود أهل الديوان لم يحمله مع عدمهم كالصغير والمعتوه ، ولأن كل من لزمه تحمل النفقة عنه في ماله لم يلزمه تحمل العقل عنه كالزوج .
وقياسهم على البعضية منتقض بالصغير والمعتوه ، ثم المعنى في الفرضية عدم الولادة والبعضية ، واعتبارهم بالنصرة فهو شرط وليست بعلة ، ويفسد بالزوج والجار .