الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص343
أحدهما : أن الأبناء والآباء لا يتحملون العقل ، وإنما يتحمله من عداهم من العصبات .
والثاني : أنه يحمل على العمد الذي لا يتحمل عن القاتل ولا يؤاخذ به غيره ، وكذلك الجواب عن قوله : ‘ لا يؤخذ الأب بجريرة ابنه ولا الابن بجريرة أبيه ‘ .
وأما جمعهم بين الأموال والنفوس فغير صحيح ، لتغليظ النفوس على الأموال ، ولذلك دخلت القسامة في النفوس ولم تدخل في الأموال .
وأما العمد فلأنه عن معصية يستحق فيها القود ، والعاصي لا يعان ولا يواسى ، والقود لا يدخله تحمل ولا نيابة .
وأما الكفارة فمن حقوق الله تعالى التي تتعلق بالمال تارة وبالصيام تارة ، ولا يصح فيها عفو فلم يدخلها مواساة ، وخالفتها الدية في هذه الأحكام مخالفتها في التحمل والله أعلم .
قال الماوردي : ذهب قوم إلى أن العاقلة تتحمل الدية حالة يؤدونها معجلة كديات العمد وقيم المتلفات .
وحكي عن ربيعة بن أبي ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنها مؤجلة في خمس سنين ، لأن دية الخطأ أخماس ، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك ، وما عليه الجمهور أنها مؤجلة في ثلاث سنين .
قال الشافعي : ‘ لا اختلاف بين أحد علمته أن رسول الله ( ص ) ، قضى بها في ثلاث سنين فأضافه إلى النبي ( ص ) وجعل نقله كالإجماع ، فاختلف أصحابنا فيما أراده الشافعي بهذا القضاء ، لأن أصحاب الحديث اعترضوا على الشافعي فيه وقالوا : ما صح عن النبي ( ص ) في هذا شيء فكيف قال هذا .
وقال ابن المنذر : لا أعرف هذا عن النبي ( ص ) .
وسئل أحمد بن حنبل عن هذا فقال : لا أعرف فيه شيئاً ، فقيل له : إن أبا عبد الله قد رواه عن النبي ( ص ) فقال : لعل أبا عبد الله سمعه من ذلك المدني فإنه كان حسن الظن فيه يعني إبراهيم بن يحيى الهجري . ولأصحابنا عنه جوابان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن مراد الشافعي بقضائه تأجيل الدية في ثلاث سنين ، وأنه مروي لكنه مرسل ، فلذلك لم يذكر إسناده .