الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص341
بقول الله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ فاطر : 18 ] وقوله تعالى : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) [ طه : 15 ] وقوله تعالى : ( كل نفس بما كسبت رهينة ) [ المدثر : 38 ] أي مأخوذة .
وبما روي أن الحسحاس بن عمرو العنبري قدم على رسول الله ( ص ) فقال : يا رسول الله ، الرجل من قومي يجني أفؤآخذ به فقال له النبي ( ص ) : ‘ من هذا منك ‘ وكان معه ابنه فقال : ابني أشهد به أي أعلمه قطعاً ولي بمستلحق فقال : ‘ إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ‘ ولم يرد بذلك فعل الجناية ، لأنه قد يجني كل واحد منهما على صاحبه ، وإنما أراد به أن لا يؤاخذ بجنايتك ولا تؤاخذ بجنايته .
وروى أياد بن لقيط عن أبي رمثة قال : أتيت النبي ( ص ) مع أبي فرأى التي في ظهره فقال له أبي : دعني أعالجها فإني طبيب ، فقال : ‘ أنت رفيق والله الطبيب ‘ ، من هذا معك ؟ فقال : ابني أشهد به فقال : ‘ أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه ‘ .
وروى الحكم عن مسروق عن ابن مسعود أن النبي ( ص ) قال : الا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، لا يؤخذ الأب بجريرة ابنه ‘ وهذا نص .
قالوا : ولأنه لما لم يتحمل العاقلة قيم الأموال لم يتحمل دية النفوس ، ولأن العاقلة لو تحملت دية الخطأ لتحملت دية العمد ، ولأن الدية عقوبة فلم تتحملها العاقلة كالقود ، ولأن لقتل الخطأ موجبين : الدية والكفارة ، فلما لم تتحمل العاقلة الكفارة لم تتحمل الدية .
والدليل على أن العاقلة تتحمل الدية قول الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) [ المائدة : 2 ] وتحمل العاقلة من جملة البر والتقوى فدخل في عموم الآية ، وروى سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قضى رسول الله ( ص ) في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله ( ص ) أن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها .
وروى أبو سلمة عن أبي هريرة قال : اقتتلت امرأتان من بني هذيل ، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها ، فاختصموا إلى رسول الله ( ص ) فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة ، وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثتها ولدها ومن