الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص336
الضمان ما كان الضامن فيه فرعاً للمضمون عنه وهذا غير موجود هاهنا .
والوجه الثاني : أنه ضمان وإن انعقد قبل الوجوب بخلاف المداينة .
والفرق بينهما أن ضمان المتاع بعد إلقائه لا يصح فصح ضمانه قبل إلقائه ، وضمان المداينة بعد استحقاقها يصح فلا يصح ضمانها قبل الاستحقاق ، ويشهد له من الأصول أن بيع الثمر لما صح بعد خلقها لم يجز بيعها قبل خلقها ، ومنافع الدار المستأجرة لما لم تصح المعاوضة عليها بعد حدوثها صح قبل حدوثها ، كذلك ما ذكرناه من الضمان .
فأما إذا قال له وقد أمنوا الغرق : ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه ، فألقاه ففي لزوم هذا الضمان وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني : لا يلزمه لعدم الضرورة وارتفاع الأغراض الصحيحة .
والوجه الثاني : يلزمه ضمان بشرط الضمان عند الاستهلاك ، والأول أشبه والثاني أقيس .
فأما أخذ الرهن في هذا الضمان فلا يصح لأمرين :
أحدهما : لعقده قبل وجوب الحق .
والثاني : للجهل بمقدار القيمة وأجازه بعض أصحابنا كالضمان وليس بصحيح ؛ لأن حكم الضمان أوسع من حكم الرهن ؛ لأن ضمان الدرك يجوز أخذ الرهن عليه .
قال الماوردي : وصورتها : أن يلقي متاعه في البحر بشرط الضمان ، فلا يخلو أن يضمنه جميعهم أو أحدهم ، فإن ضمنوه جميعاً فعلى ضربين :
أحدهما : أن يشتركوا فيه فيقولوا : ألقه وعلينا ضمانه ، فيكون الضمان مقسطاً بين جميعهم على أعدادهم ، فإن كانوا عشرة ضمن كل واحد منهم عشر قيمته .
والضرب الثاني : أن ينفردوا فيه فيقولوا : ألقه وعلى كل واحد منا ضمانه ، فيلزم كل واحد منهم ضمان جميع قيمته ، وإن ضمنه أحدهم لم يخل من أن يضمنه عن نفسه