الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص334
قال الماوردي : اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها مصورة في اصطدام السفينتين السائرتين إذا لم يكن منهما تفريط فلا ضمان على واحد منهما في أصح القولين ، ويكون هذا بقية المسألة الماضية ، وهذا تأويل أبي علي بن أبي هريرة وطائفة .
والوجه الثاني : أنها مصورة في سفينة مرساة إلى شاطئ نهر أو ساحل بحر قد أحكمت ربطها وألقيت أناجرها فعصفت ريح قطعت ربطها وقلعت أناجرها حتى هلكت ومن فيها فلا ضمان هاهنا على ملاحها قولاً واحداً ، لأنه لا فعل له فيها عند غرقها ، وخالف حال السائرة التي هي مدبرة بفعله ، وربما خفي فيه وجه تقصيره ، حكاه أبو القاسم الصيمري .
والوجه الثالث : أنها مصورة في سفينة مرساة إلى الشط محكمة الربط وأخرى سائرة عصفت بها الريح فألقتها على الواقفة حتى غرقتها فلا ضمان على صاحب الواقفة ، وفي وجوب الضمان على صاحب السائرة إن لم يفرط قولان حكاهما أبو حامد الإسفراييني .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا خاف ركبان السفينة من غرقها لثقل ما فيها وعصوف الريح بها فألقى رجل بعض متاعها لتخف فتسلم فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يلقى متاع نفسه .
والثاني : أن يلقى متاع غيره .
فإن ألقى متاع غيره كان متعدياً بإلقائه ، سواء كان الملقي صاحب السفينة أو غيره ، وعليه ضمانه ، سواء نجت السفينة أو هلكت ، منعه المالك من إلقائه أو لم يمنعه ، لأن إمساكه عن منعه لا يبرئه من ضمانه ، كما لو قتل له قتيلاً أو قطع منه عضوا ، ولا يجب على ركبان السفينة من ضمانه شيء وإن كان سبباً لسلامتهم ، فلو